ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

التحرشات الإسبانية أثناء التواجد العثماني في الجزئر

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

التحرشات الإسبانية أثناء التواجد العثماني في الجزئر Empty التحرشات الإسبانية أثناء التواجد العثماني في الجزئر

مُساهمة من طرف zaara الإثنين 12 يناير - 13:09:16

حروب الاسترداد التي قامت بها الممالك الإسبانية  وضعف الحكم الإسلامي في الأندلس, وزوال مملكة غرناطة سنة 1492, قد هيأ  بداية مرحلة تاريخية جديدة في الصراع الإسلامي المسيحي, خاصة في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط, حيث أصبحت المدن الساحلية وخاصة الجزائرية عرضة للهجمات الأسبانية, بل مناطق استيطانية ونقاط انطلاق لمواصلة المد المسيحي في غرب المتوسط, حتى أصبحت  قواعد خلفية لتكوين إمبراطورية مسيحية تتزعمها إسبانيا. أثناء ذلك كان حكم المغرب الإسلامي تحت رايات ثلاث الحفصيين في تونس والزيانيين بالجزائر والمرينيين ومن بعدهم الوطاسيين والسعديين  بالمغرب الأقصى, بل حتى أنه منقسم على نفسه إلى إمارات و ولاءات سياسية, كلٌ يسعى إلى مد نفوذه وهذا طبعا قد حفز الأسبان لخوض غمار الحرب والتوسع في الجهة الغربية من المتوسط. حينها كانت بالمشرق الإسلامي إمارة بني عثمان تزداد قوتها شيئا فشيئا إلى أن تطلعت إلى أحداث المغرب الذي يئن تحت ضربات الأسبان, ولهذا وجدت مجالا تثبت فيه أركانها وتوسع نفوذها وتعلي به كلمتها, لاسيما أنها أصبحت خلافة ومن حقها أن ترعى شؤون المسلمين شرقا وغربا. 


التواجد العثماني في الجزائر:
التحرشات الأسبانية على سواحل الجزائر: لقد كان لضعف الدولة الزيانية-1236-1554م- تأثيرا كبيرا على الوضع السياسي بالجزائر, بل حتى أنها أثرت على الأوضاع الأخرى, إذ أنها انقسمت إلى إمارات متناحرة ومن بينها متمثلة في: 


الإمارة الموالية للحفصيين بتونس
إمارة جبل كوكو في بلاد القبائل
إمارتي بني جلاب بتقرت وواد ريغ
إمارة الثعالبة بالجزائر وضواحيها
إمارة الدواودة بالحضنة ومنطقة الزيبان
إمارة بني عباس بجنوب بجاية.


كل ذلك كان عاملا مشجعا للأسبان على خوض غمار الحرب ضد الجزائر وغزو المدن الساحلية وموانئها, حيث مهد الأسبان لذلك بعملية الجوسسة, إذ أن الكاردينال كازيميناس كلف لوراندو باديا بمهة التجسس في المنطقة الغربية من الجزائر-تلمسان- حيث تنكر هذا الشخص بزي التجار المسلمين وبمساعدة تاجر بندقي, أمضى في جمع المعلومات ورسم خريطة كاملة ضم المدن الجزائرية وأهم موانئها. وبناءً على هذا المخطط جهز الملك الأسباني فرديناند حملة عسكرية قادها دون دييغو فرنانديز في شهر سبتمبر1505م, حيث هاجم فيها المرسى الكبير بوهران الذي استقر به مسلمو الأندلس. ولقد ارتكب الأسبان مجازر في حق سكان المدينة, لكن بسالة سكانها حافظ عليها, فكرر الأسبان الهجوم في شهر ماي سنة 1509م بقيادة كازيميناس الذي استولى على المرسى الكبير, بل امتد نفوذهم إلى مدينة تلمسان. ونتيجة للضعف العام بالجزائر واصل الأسبان تحرشاتهم فوصلوا بجاية التي كانت تحت نفوذ بني حفص والتي تعاني من التنافس على السلطة. وبهذا تمكن الأسبان من احتلالها سنة 1510م وواصلوا توسعاتهم باتجاه الشرق عنابة والقالة, بل إلى المدن التونسية التابعة للسلطان الحفصي الذي أرضاهم بالمال والضرائب عربونا للخضوع. ونتيجة لهذا الوضع المتردي وازدياد خطر الأسبان, توجس سكان الجزائر في نفوسهم خيفة وأصبحوا بين الفينة والأخرى يترقبون هجوم الأسبان, ولذلك بدؤوا يوالون الأسبان بدفع الضرائب والمال لطمأنة الأسبان بالخضوع والاستكانة.


ظهور الأخوة بربروس:  ينتمي الأتراك إلى عشيرة قابي التركية موطنهم الأصلي أواسط آسيا الغربية-أذربيجان,تركستان - تحركت قبيلتهم التي يقودها أرطغرل نحو الأناضول-آسيا الصغرى- والتي دخلت في خدمة السلطان السلجوقي علاء الدين , فأقطعها المناطق المتاخمة للحدود البيزنطية فبدأ الأتراك يوسعون نفوذهم, وبمداهمة المغول بلاد المشرق واحتلال بغداد, استغل عثمان بن أرطغرل الفرصة واستقل عن الخلافة العباسية مؤسسا إمارته بالأناضول في أواخر القرن الثالث الميلادي-1299م/699هـ, وبدأ آل عثمان يوسعون نفوذهم على حساب الدولة البيزنطية والتي سقطت عاصمتها سنة 1453م على يد محمد الثاني بن مراد الثاني الملقب بالفاتح, كما توسعوا على حساب دولة المماليك في الشام سنة1516م -معركة مرج دابق- وفي مصر-معركة الريدانية- التي تحكم باسم العباسيين , ونتيجة لضعف الدولة العباسية, انتقلت الخلافة لآل عثمان سنة 1518م, بعدما دانت لها الأقاليم العربية ودخلت تحت سلطتها الأماكن المقدسة بالحجاز. امتلك العثمانيون أسطولا بحريا يجوب أعالي البحار, ومن بين أشهر بحارتهم الأخوة بربروس عروج وخير الدين, حيث ولد الأول سنة 1470م في جزيرة ليسبوس اليونانية وخير الدين من بعده في سنة 1472م, كانا تاجرين وتحولا  إلى الجهاد البحري خاصة ضد الأسبان والبرتغاليين. شاء الله أن يصل الأخوين إلى تونس والتي أصبحت مقرا لأسطولهم وبدؤوا الجهاد ضد القراصنة الأوربيين منذ مطلع سنة 1506م, ومنذ ذلك الحين سطع نجم الأخوين بربروس لفضلهما في جهاد المسيحيين. 


استنجاد الجزائريين بالأخوة بربروس:        
بمضايقة الأسبان على المدن والموانئ الجزائرية واحتلال بعضها استنجد سكانها بالأخوين بربروس خاصة بجاية وإمارة قسنطينة, وبهذل لبى الأخوان النداء, ورأوا بأن التمركز في مدينة جيجل يضمن لهم تحرير باقي المدن لأنها إستراتيجية بموقعها غنية بثروتها الغابية, حينها كانت مدينة جيجل تحت سيطرة القراصنة الايطاليين , فقدم البحارة بأسطولهم وتمكنوا من طرد القراصنة سنة 1514م وبهذا أصبحت المدينة قاعدة انطلاق لتحرير باقي مدن وموانئ الجزائر.    


محاولة تحرير بجاية : بعد أن أسس الأخوان قاعدتهم بجيجل بدأوا يقدمون مساعداتهم للأندلسيين المضطهدين من الأسبان, حيث أصبحت سفنهم تقل هؤلاء إلى الأماكن الآمنة بسواحل المغرب, كما أنها تقوم بالكر على السواحل الاسبانية والجزر المتوسطية . وفي سنة 1514م قام الأخوان بشن هجوم على بجاية ومحاصرتها لتحريرها فاستعصت عليهم فقرروا الانسحاب, حينها وصلهم الإمداد من السلطان العثماني سليم الأول-1512م-1520م, فكانت نصرا لوجيستيا استغله الأخوان في تدعيم مركزهم بالمغرب الأوسط واتخاذ مدينة الجزائر قاعدة انطلاق ثانية.


التمركز العثماني بمدينة الجزائر: نتيجة للضغط الأسباني المتواصل على المدن الساحلية وخاصة مدينة الجزائر التي أصبحت على مرمى حجر من الأسطول الأسباني المرابط في قلعة البنيون التي بناها الأسبان المقابلة لمدينة الجزائر-حوالي300متر- وإن تمركز الأسبان فيها مكنهم من التحكم بمداخل المدينة ومخارجها وبهذا شلت الحركة البحرية الجزائرية, كما فرضت على السكان ضرائب نقدية وعينية أرهقت الجزائريين, خاصة وان الأسبان يدركون مدى ضعف الإدارة الجزائرية تحت حكم سالم التومي الذي لجأ إلى مهادنتهم, بل الدخول تحت رايتهم. ولهذا لجأ السكان إلى الاستعانة بآل بربروس لطرد الأسبان, فأجتمع الأهالي بسالم التومي وقرروا دعوة عروج لمساعدتهم. وبهذا فتح الطريق أمام الأخوين نافذة للولوج لمعاقل الأسبان, حيث قام عروج بجمع 16 سفينة مجهزة بالمدفعية والذخيرة وأرسلها مع نصف جنوده البالغ عددهم800 يولداش-رفيق الطريق- والنصف الثاني توجه به برا إلى الجزائر وأنظم إليه في الطريق حوالي 5000 شخص من القبائل, وعند دخوله الجزائر واصل مسيره إلى شرشال, حيث استولى عليها وترك فيها حامية عسكرية وعاد إلى الجزائر مرة أخرى ودخلها سنة 1516م فأستقبله أعيانها وأهلها مرحبين به, وقام عروج بمراسلة الأسبان في قلعة البنيون من أجل تسليمها فرد عليه قائد القلعة لن نغادر القلعة لا بالسلم ولا بالحرب, وهذا يبين مدى حصانة القلعة وقوتها, فقرر عروج قصف القلعة, لكن ذلك لم يغير في الوضع شيئا, وإثر ذلك أوجس سكان الجزائر في نفوسهم خيفة من قوة الأتراك ومدى ضعفها, كما تميزت إدارة سالم التومي بالضعف فأتفق بعض الأهالي مع الأسبان ولما علم عروج بذلك انتقم منهم, كما انتقم من سالم التومي وأعلن حكمه رسميا للجزائر وشدد الإجراءات الأمنية فعاد الهدوء إلى المدينة, وتبينت للسكان نية الأتراك فتعاونوا معهم, كما استطاع الأتراك كسب ثقة الجميع من خلال معاملتهم للأعيان والعلماء والأهالي, بل حتى أن عروج قرب إليه العلماء وطلب مشورتهم, وبهذا اطمأن الجميع وهدأت نفوسهم. وبادر عروج بالقيام بالأعمال الإدارية والمالية وإصلاح الأسوار وبناء نقاط الاستحكام وجعل يمركز قواته العسكرية, بل حتى أنه أصبح يتطلع للمناطق المجاورة للجزائر.


ولقد اعتبر الأسبان وجود الأخوين بالجزائر خطرا على مصالحهم, ليس في الجزائر  فقط بل في الشمال الإفريقي, فقاموا بالتحالف مع أمير تنس كما استمالوا أتباع سالم التومي وبعض زعماء القبائل المجاورة ووجهوا حملة عسكرية كبيرة انطلاقا من وهران بقيادة دييغو دوفيرا فوصلت الحملة في أواخر شهر سبتمبر 1516م ونزلت قرب باب الواد فتركهم عروج حتى نزلوا وبدأت المناوشات لاستنزاف قوتهم, كما اغتنم تقهقرهم نتيجة هبوب رياح شمالية فزحف بقواته ألحقت خسائر فادحة بالأسبان, وهذا دفع بسكان البليدة والمدية ومليانة ودلس وبلاد القبائل إلى مبايعة عروج والدخول تحت طاعته, وذلك زاد في مكانته وهيبته, بل حتى نفوذه وسلطانه.


وبما أن أمير تنس الزياني كان متعاونا مع الأسبان قرر عروج الخروج إليه وإنهاء حكمه في الغرب بجيش كبير فدخل المدينة في شهر جوان 1517م وقتله وطرد الأسبان المتمركزين بالمدينة, وقام بتقسيم هذا الإقليم إلى  قسمين قسم شرقي عاصمته دلس تحت إدارة أخيه خير الدين وقسم غربي عاصمته الجزائر تحت إمرته, ويعتبر هذا بداية التنظيم الإداري التركي بالجزائر حتى يتسنى لكل لإقليم إدارة شؤونه وتنظيمها والتحكم في مخارجها ومداخلها ومواجهة أي طارئ, وأثناء تواجده في تنس قدم إليه وفد من تلمسان يشكو أوضاعها ونفوذ الأسبان فيها نتيجة ضعف تنازع أمرائها الزيانيين, فلبى عروج طلب دعوتهم حيث استخلف أخيه على مدينة الجزائر وأحوازها واتجه إلى تلمسان وفي طريقه تراك حامية بقلعة بني راشد قرب معسكر تحت قيادة أخيه إسحاق وواصل الزحف إلى تلمسان فدخلها وخلع أبا حمو الثالث المتآمر مع الأسبان وإعادة أبا زيان الثالث إلى عرشه بتلمسان, لكن هذا الأمير الجديد حاول التخلص من عروج ولكنه تفطن لذلك فقبض عليه وتخلص منه, وأما الأمير المعزول أبو حمو الثالث فتحالف مع الأسبان بوهران وشنوا هجوما على قلعة بني راشد وقتلوا حاكمها إسحاق  في جانفي 1518م, و شددوا حصارهم على تلمسان فأضطر عروج للانسحاب ليلا فتفطنوا له واغتالوه وحملوا رأسه إلى اسبانيا ,كما أرسلوا لباسه إلى كنيسة القديس جيروم. 



zaara
zaara
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 6998

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى