ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  Empty الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال

مُساهمة من طرف اعصار الجمعة 20 مايو - 18:29:38

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B2 وَاعْلَمُوا
أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ
وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ
كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ
الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ (41) الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B1
يبين تعالى تفصيل ما شرعه مخصصا لهذه الأمة الشريفة، من بين سائر الأمم
المتقدمة، من إحلال المغانم. و"الغنيمة": هي المال المأخوذ من الكفار
بإيجاف الخيل والركاب. و"الفيء": ما أخذ منهم بغير ذلك، كالأموال التي
يصالحون عليها، أو يتوفون عنها ولا وارث لهم، والجزية والخراج ونحو ذلك.
هذا مذهب الإمام الشافعي في طائفة من علماء السلف الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP والخلف.
ومن العلماء من يطلق الفيء على ما تطلق الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP عليه الغنيمة، والغنيمة على الفيء أيضا؛ ولهذا ذهب قتادة إلى أن هذه الآية ناسخة لآية "الحشر": الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B2 مَا
أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ
وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B1 الآية [الحشر: 7]، قال: فنسخت آية "الأنفال" تلك، وجعلت الغنائم: أربعة أخماسها الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
للمجاهدين، وخمسًا منها لهؤلاء المذكورين. وهذا الذي قاله بعيد؛ لأن هذه
الآية نـزلت بعد وقعة بَدْر، وتلك نـزلت في بني النَّضِير، ولا خلاف بين
علماء السير والمغازي قاطبة أن بني النضير بعد بدر، هذا أمر لا يشك فيه ولا
يرتاب، فمن يفرق بين معنى الفيء والغنيمة يقول: تلك نـزلت في أموال الفيء
وهذه في المغانم. ومن يجعل أمر المغانم والفيء راجعا الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP إلى رأي الإمام يقول: لا منافاة بين آية الحشر وبين التخميس إذا رآه الإمام، والله أعلم.
وقوله الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP تعالى: ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ) توكيدا لتخميس كل قليل وكثير حتى الخيط الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP والمخيط، قال الله تعالى: الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B2 وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B1 [آل عمران: 161].
وقوله: ( فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ) اختلف المفسرون هاهنا، فقال بعضهم: لله نصيب من الخمس يجعل في الكعبة.
قال أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية الرِّيَاحي قال: كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالغنيمة فيقسمها على خمسة، تكون أربعة
أخماس لمن شهدها، ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه، فيأخذ منه الذي قبض كفه،
فيجعله للكعبة الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP وهو سهم الله. ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم، فيكون سهم للرسول، وسهم لذوي القربى، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقال آخرون: ذكر الله هاهنا استفتاح كلام للتبرك، وسهم الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP لرسوله عليه السلام الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
قال الضحاك، عن ابن عباس، رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه
وسلم إذا بعث سَرِيَّة فغنموا، خَمَّس الغنيمة، فضرب ذلك الخمس في خمسة. ثم
قرأ: ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ
خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ )قال: وقوله] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP ( فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ) مفتاح كلام، لله ما في السموات وما في الأرض، فجعل سهم الله وسهم الرسول واحدًا.
وهكذا قال إبراهيم النَّخَعي، والحسن بن محمد ابن الحنفية. والحسن البصري، والشعبي، وعَطاء بن أبي رباح، وعبد الله بن بريدة الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP وقتادة، ومغيرة، وغير واحد: أن سهم الله ورسوله واحد.
ويؤيد هذا ما رواه الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي بإسناد صحيح، عن عبد
الله بن شقيق، عن رجل من بلقين قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو
بوادي القُرى، وهو يعرض فرسًا، فقلت: يا رسول الله، ما تقول في الغنيمة؟
فقال: "لله خمسها، وأربعة أخماس للجيش". قلت: فما أحد أولى به من أحد؟ قال:
" لا ولا السهم تستخرجه من جنبك، ليس أنت أحق به من أخيك المسلم" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقال ابن جرير: حدثنا عمران بن موسى، حدثنا عبد الوارث، حدثنا أبان، عن الحسن قال: أوصى أبو بكر بالخمس الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP من ماله، وقال: ألا أرضى من مالي بما رضي الله لنفسه الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
ثم اختلف قائلو هذا القول، فروى علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال: كانت الغنيمة تقسم الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP على خمسة أخماس، فأربعة منها بين من قاتل عليها، وخمس واحد يقسم على أربعة الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
فربع لله وللرسول ولذي القربى -يعني: قرابة النبي صلى الله عليه وسلم. فما
كان لله وللرسول فهو لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يأخذ النبي
صلى الله عليه وسلم من الخمس شيئًا، [والربع الثاني لليتامى، والربع
الثالث للمساكين، والربع الرابع لابن السبيل]. الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو مَعْمَر المِنْقَرِي، حدثنا
عبد الوارث بن سعيد، عن حسين المعلم، عن عبد الله بن بُرَيْدَة في قوله: (
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ
وَلِلرَّسُولِ ) قال: الذي لله فلنبيه، والذي للرسول لأزواجه.
وقال عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء بن أبي رباح قال: خمس الله والرسول الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP واحد، يحمل منه ويصنع فيه ما شاء -يعني: النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا أعم وأشمل، وهو أن الرسول الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP صلى الله عليه وسلم الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP يتصرف في الخمس الذي جعله الله له بما شاء، ويرده في أمته كيف شاء -ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد حيث قال:
حدثنا إسحاق بن عيسى، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر بن عبد الله بن
أبي مريم، عن أبي سلام الأعرج، عن المقدام بن معد يكرب الكندي: أنه جلس مع
عبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، والحارث بن معاوية الكندي، رضي الله عنهم،
فتذاكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو الدرداء لعبادة: يا
عبادة، كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة كذا وكذا في شأن
الأخماس؟ فقال عبادة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم في غزوة إلى
بعير من المغنم، فلما سلم قام الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول وَبَرة بين أنملتيه فقال: "إن هذه من
غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس، والخمس مردود عليكم،
فأدوا الخيط والمخيط، وأكبر الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP من ذلك وأصغر، ولا تغلوا، فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر، وجاهدوا في [سبيل] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP الله، فإن الجهاد باب من أبواب الجنة [عظيم] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP ينجي به الله من الهم والغم" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
هذا حديث حسن عظيم، ولم أره في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه. ولكن
روى الإمام أحمد أيضًا، وأبو داود، والنسائي، من حديث عمرو بن شعيب، عن
أبيه، عن جده عن عبد الله بن عمرو، عن الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه في قصة الخمس والنهي عن الغلول الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وعن عمرو بن عَبَسة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم إلى بعير من المغنم، فلما سلم أخذ وبرة الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP من ذلك البعير ثم قال: "ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذه، إلا الخمس، والخمس مردود فيكم" . رواه أبو داود والنسائي الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم من المغانم الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
شيء يصطفيه لنفسه عبدًا أو أمة أو فرسًا أو سيفًا أو نحو ذلك، كما نص على
ذلك محمد بن سيرين وعامر الشعبي، وتبعهما على ذلك أكثر العلماء.
وروى الإمام أحمد، والترمذي -وحسنه -عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفل سيفه ذا الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP الفَقَار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: كانت صفية من الصّفي. رواه أبو داود في سننه الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وروى أيضًا بإسناده، والنسائي أيضًا عن يزيد بن عبد الله قال: كنا
بالمِرْبَد إذ دخل رجل معه قطعة أديم، فقرأناها فإذا فيها: "من محمد رسول
الله إلى بني زهير بن أقيش، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا
رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأديتم الخمس من المغنم، وسهم
النبي وسهم الصّفي، أنتم آمنون بأمان الله ورسوله". فقلنا: من كتب لك هذا؟
فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
فهذه أحاديث جيدة تدل على تقرر هذا وثبوته؛ ولهذا جعل ذلك كثيرون من الخصائص له صلوات الله وسلامه عليه.
وقال آخرون: إن الخمس يتصرف فيه الإمام بالمصلحة للمسلمين، كما يتصرف في مال الفيء.
وقال شيخنا الإمام العلامة ابن تيمية، رحمه الله: وهذا قول مالك وأكثر السلف، وهو أصح الأقوال.
فإذا ثبت هذا وعلم، فقد اختلف أيضا في الذي كان يناله عليه السلام الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
من الخمس، ماذا يُصنع به من بعده؟ فقال قائلون: يكون لمن يلي الأمر من
بعده. روى هذا عن أبي بكر وعلي وقتادة جماعة، وجاء فيه حديث مرفوع الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP2
وقال آخرون: يصرف في مصالح المسلمين.
وقال آخرون: بل هو مردود على بقية الأصناف: ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السبيل، اختاره ابن جرير.
وقال آخرون: بل سهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم ذوي القربى مردودان على اليتامى والمساكين وابن السبيل.
قال ابن جرير: وذلك قول جماعة من أهل العراق.
وقيل: إن الخمس جميعه لذوي القربى كما رواه ابن جرير.
حدثنا الحارث، حدثنا عبد العزيز، حدثنا عبد الغفار، حدثنا المِنْهَال بن
عمرو، وسألت عبد الله بن محمد بن علي، وعلي بن الحسين، عن الخمس فقالا هو
لنا. فقلت لعلي: فإن الله يقول: ( وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ
السَّبِيلِ )قالا يتامانا ومساكيننا.
وقال سفيان الثوري، وأبو نُعَيْم، وأبو أسامة، عن قيس بن مسلم: سألت الحسن بن محمد ابن الحنفية، رحمه الله تعالى، عن قول الله الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP تعالى: ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ) قال الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP هذا مفتاح كلام، لله الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
الدنيا والآخرة. ثم اختلف الناس في هذين السهمين بعد وفاة رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فقال قائلون: سهم النبي صلى الله عليه وسلم تسليما للخليفة
من بعده. وقال قائلون: لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم. وقال قائلون: سهم
القرابة لقرابة الخليفة. فاجتمع قولهم الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP على أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعُدة في سبيل الله، فكانا على ذلك في خلافة أبي بكر وعمر، رضي الله عنهما الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
قال الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP الأعمش، عن إبراهيم الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP كان أبو بكر وعمر يجعلان سهم النبي صلى الله عليه وسلم في الكراع والسلاح، فقلت لإبراهيم: ما كان علي يقول فيه؟ قال: كان [علي] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP أشدهم فيه .
وهذا قول طائفة كثيرة من العلماء، رحمهم الله.
وأما سهم ذوي القربى فإنه يصرف إلى بني هاشم وبني المطلب؛ لأن بني المطلب وازروا بني هاشم في الجاهلية [وفي أول الإسلام] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
ودخلوا معهم في الشعب غضبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحماية له:
مسلمهم طاعة لله ولرسوله، وكافرهم حَمِيَّة للعشيرة وأنفة وطاعة لأبي طالب
عم رسول الله. وأما بنو عبد شمس وبنو نوفل -وإن كانوا أبناء عمهم -فلم
يوافقوهم على ذلك، بل حاربوهم ونابذوهم، ومالئوا بطون قريش على حرب الرسول؛
ولهذا كان ذَمُّ أبي طالب لهم في قصيدته اللامية أشد من غيرهم، لشدة
قربهم. ولهذا يقول في أثناء قصيدته الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP

جَـزَى الله عَنَّـا عبـدَ شمس ونَـوفلا


عُقُـوبـة شـرٍّ عاجـل غير آجـلِ

بـميزان قــسْط لا يَخيـس شَعِيـرة


لـهُ شَـاهدٌ مِنْ نَفْسـه غير عـائلِ

لقـد سَفُهــت أحلامُ قـوم تَبَــدَّلوا


بنـي خَـلَف قَيْـضا بـنا والغَيَـاطِلِ

ونحـنُ الصَّميـم مـن ذؤابة هـاشم


وآل قُصـَى فـي الخُطُـوب الأوائـلِ الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقال جبير بن مطعم بن عدي [بن نوفل] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
مشيت أنا وعثمان بن عفان -يعني ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس -إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب من
خمس خيبر وتركتنا، ونحن وَهُم منك بمنـزلة واحدة، فقال: "إنما بنو هاشم
وبنو عبد المطلب شيء واحد".
رواه مسلم الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP2 وفي بعض روايات هذا الحديث: "إنهم لم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وهذا قول جمهور العلماء أنهم بنو هاشم وبنو المطلب.
قال ابن جرير: وقال آخرون: هم بنو هاشم. ثم روى عن خُصَيْف، عن مجاهد
قال: علم الله أن في بني هاشم فقراء، فجعل لهم الخمس مكان الصدقة.
وفي رواية عنه قال: هم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لا تحل لهم الصدقة.
ثم روى عن علي بن الحسين نحو ذلك.
قال ابن جرير: وقال آخرون: بل هم قريش كلها.
حدثني يونس بن عبد الأعلى، حدثني عبد الله بن نافع، عن أبي مَعْشَر، عن
سعيد المقْبُرِي قال: كتب نَجْدَة إلى عبد الله بن عباس يسأله عن "ذي
القربى"، فكتب إليه ابن عباس: كنا نقول: إنا هم فأبى ذلك علينا قومنا،
وقالوا: قريش كلها ذوو قربى الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وهذا الحديث في صحيح مسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي من حديث سعيد
المقبري عن يزيد بن هرمُز أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن ذوي القربى
فذكره إلى قوله: "فأبى ذلك علينا قومنا" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP2 والزيادة من أفراد أبي معشر نَجِيح بن عبد الرحمن المدني، وفيه ضعف.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي، حدثنا
المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حَنَش، عن عِكْرِمة، عن ابن عباس قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رغبت لكم عن غُسَالة الأيدي؛ لأن لكم من
خُمْس الخمس ما يغنيكم أو يكفيكم".
هذا حديث حسن الإسناد، وإبراهيم بن مهدي هذا وَثَّقه أبو حاتم، وقال يحيى بن معين الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP يأتي بمناكير الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP والله أعلم.
وقوله: ( وَالْيَتَامَى ) أي: يتامى المسلمين. واختلف العلماء هل يختص بالأيتام الفقراء، أو يعم الأغنياء والفقراء؟ على قولين.
و ( الْمَسَاكِينِ ) هم المحاويج الذين لا يجدون ما يسد خلتهم ومسكنتهم.
( وَابْنِ السَّبِيلِ ): هو المسافر، أو المريد للسفر، إلى مسافة تقصر
فيها الصلاة، وليس له ما ينفقه في سفره ذلك. وسيأتي تفسير ذلك في آية
الصدقات في سورة "براءة" ، إن شاء الله تعالى، وبه الثقة، وعليه التكلان.
وقوله: ( إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنـزلْنَا عَلَى
عَبْدِنَا ) أي: امتثلوا ما شرعنا لكم من الخمس في الغنائم، إن كنتم تؤمنون
بالله واليوم الآخر وما أنـزل على رسوله؛ ولهذا جاء في الصحيحين، من حديث
عبد الله بن عباس، في حديث وفد عبد القيس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال لهم: "وآمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: آمركم بالإيمان بالله ثم قال: هل
تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادةُ أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول
الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن تؤدوا الخمس من المغنم ." الحديث
بطوله الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
فجعل أداء الخمس من جملة الإيمان، وقد بوَّب البخاري على ذلك في "كتاب
الإيمان" من صحيحه فقالSadباب أداء الخمس من الإيمان)، ثم أورد حديث ابن
عباس هذا، وقد بسطنا الكلام عليه في "شرح البخاري" ولله الحمد والمنة الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقال مقاتل بن حيان: ( وَمَا أَنـزلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ
الْفُرْقَانِ )أي: في القسمة، وقوله: ( يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ينبه تعالى على نعمته الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وإحسانه إلى خلقه بما فَرَق به بين الحق والباطل ببدر ويسمى "الفرقان"؛
لأن الله تعالى أعلى فيه كلمة الإيمان على كلمة الباطل، وأظهر دينه ونصر
نبيه وحزبه.
قال علي بن أبي طالب والعَوْفِي، عن ابن عباس: ( يَوْمَ الْفُرْقَانِ ) يوم بدر، فَرَق الله فيه بين الحق والباطل. رواه الحاكم.
وكذا قال مجاهد، ومِقْسَم وعبيد الله بن عبد الله، والضحاك، وقتادة، ومُقَاتل بن حيان، وغير واحد: أنه يوم بدر.
وقال عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن الزهري، عن عُرْوَة بن الزبير في قوله: ( يَوْمَ الْفُرْقَانِ ) يوم فرق الله [فيه] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
بين الحق والباطل، وهو يوم بدر، وهو أول مشهد شهده رسول الله صلى الله
عليه وسلم. وكان رأس المشركين عتبة بن ربيعة، فالتقوا يوم الجمعة لتسعَ
عشرةَ -أو: سبع عشرة -مضت من رمضان، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
يومئذ ثلثمائة وبضعة عشر رجلا والمشركون ما بين الألف والتسعمائة.
فهزم الله المشركين، وقتل منهم زيادة على السبعين، وأسر منهم مثل ذلك.
وقد روى الحاكم في مستدركه، من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن ابن مسعود، قال في ليلة القدر: تحروها لإحدى عشرة يبقين الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP فإن صبيحتها الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP يوم بدر. وقال: على شرطهما الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وروي مثله عن عبد الله بن الزبير أيضًا، من حديث جعفر بن بُرْقَان، عن رجل، عنه.
وقال ابن جرير: حدثنا ابن حميد، حدثنا يحيى بن واضح، حدثنا يحيى بن يعقوب أبو طالب، عن ابن عَوْن محمد بن عبيد الله الثقفي الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال الحسن بن علي: كانت ليلة "الفرقان يوم التقى الجمعان" لسبع عشرة من رمضان الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP إسناد جيد قوي.
ورواه ابن مَرْدُوَيه، عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب، عن علي قال:
كانت ليلة الفرقان، ليلة التقى الجمعان، في صبيحتها ليلة الجمعة لسبع عشر
مضت من شهر رمضان.
وهو الصحيح عند أهل المغازي والسير.
وقال يزيد بن أبي حبيب إمام أهل الديار المصرية في زمانه: كان يوم بدر
يوم الاثنين ولم يتابع على هذا، وقول الجمهور مقدم عليه، والله أعلم.
الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B2 إِذْ
أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى
وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاخْتَلَفْتُمْ فِي
الْمِيعَادِ وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا
لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ
بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B1
يقول تعالى [مخبرًا] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
عن يوم الفرقان: ( إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا ) أي: إذ أنتم
نـزول بعدوة الوادي الدنيا القريبة إلى المدينة، ( وَهُمْ ) أي: المشركون
نـزول ( بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى ) أي: البعيدة التي من ناحية مكة، (
والرَّكْبُ ) أي: العير الذي فيه أبو سفيان بما معه من التجارة ( أَسْفَلَ
مِنْكُمْ ) أي: مما يلي سيف البحر ( وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ ) أي: أنتم
والمشركون إلى مكان ( لاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ )
قال محمد بن إسحاق: وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه
في هذه الآية قال: ولو كان ذلك عن ميعاد منكم ومنهم، ثم بلغكم كثرة عددهم
وقلة عددكم، ما لقيتموهم، ( وَلَكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ
مَفْعُولا ) أي: ليقضي الله ما أراد بقدرته من إعزاز الإسلام وأهله، وإذلال
الشرك وأهله، عن غير ملأ منكم، ففعل ما أراد من ذلك بلطفه.
وفي حديث كعب بن مالك قال: إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم
والمسلمون يريدون عِيرَ قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد
الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقال ابن جرير: حدثني يعقوب، حدثني ابن عُلَيَّة، عن ابن عون، عن عمير
بن إسحاق قال: أقبل أبو سفيان في الركب من الشام، وخرج أبو جهل ليمنعه من
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فالتقوا ببدر، لا يشعر هؤلاء
بهؤلاء، ولا هؤلاء بهؤلاء، حتى التقت السقاة، ونهد الناس بعضهم لبعض الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقال محمد بن إسحاق في السيرة: ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على
وجهه ذلك حتى إذا كان قريبًا من "الصفراء" بعث بَسْبَس بن عمرو، وعدي بن
أبي الزَّغباء الجُهَنيين، يلتمسان الخبر عن أبي سفيان، فانطلقا حتى إذا
وردا بدرًا فأناخا بعيريهما إلى تل من البطحاء، فاستقيا في شَنٍّ لهما من
الماء، فسمعا جاريتين يَختصمان، تقول إحداهما لصاحبتها: اقضيني حقي. وتقول
الأخرى: إنما تأتي العير غدا أو بعد غد، فأقضيك حقك. فَخَلَّص بينهما
مَجْدي بن عمرو، وقال: صَدقت، فسمع ذلك الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
بَسْبَسُ وعَدِيّ، فجلسا على بعيريهما، حتى أتيا رسول الله صلى الله عليه
وسلم فأخبراه الخبر. وأقبل أبو سفيان حين وليا وقد حَذِر، فتقدم أمام عيره
وقال لمجدي بن عمرو: هل أحسست على هذا الماء من أحد تنكره؟ فقال: لا والله،
إلا أني قد رأيت راكبين أناخا إلى هذا التل، فاستقيا في شَنّ لهما، ثم
انطلقا. فجاء أبو سفيان إلى مُناخ بعيريهما، فأخذ من أبعارهما، فَفَتَّه،
فإذا فيه النوى، فقال: هذه والله علائف يثرب. ثم رجع سريعًا فضرب وجه عيره،
فانطلق بها فَسَاحَل حتى إذا رأى أن قد أحرز عيره بعث إلى قريش فقال: إن
الله قد نجى عيرَكم وأموالكم ورجالكم، فارجعوا.
فقال أبو جهل: والله الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP لا نرجع حتى نأتي بدرا -وكانت بدرُ سوقًا من أسواق العرب -فنقيم بها ثلاثا، فَنُطْعمُ بها الطعام، وننحَرُ بها الجُزُر الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP ونُسْقَى بها الخمر، وتعزف علينا القيان، وتسمع بنا العرب وبسيرنا، فلا يزالون يهابوننا بعدها أبدا.
فقال الأخنس بن شُرَيْق: يا معشر بني زُهَرة، إن الله قد نَجَّى
أموالكم، ونَجَّى صاحبكم، فارجعوا. فأطاعوه، فرجعت بنو زهرة، فلم يشهدوها
ولا بنو عدي الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
قال محمد بن إسحاق: وحدثني يزيد بن رُوَمان، عن عروة بن الزبير قال:
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم -حين دنا من بدر -عليَّ بن أبي طالب،
وسعدَ بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، في نفر من أصحابه، يتجسسون له الخبر
فأصابوا سُقَاةً لقريش: غلاما لبني الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
سعيد بن العاص، وغلاما لبني الحجاج، فأتوا بهما رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فوجدوه يصلي، فجعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونهما:
لمن أنتما؟ الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
فيقولان: نحن سُقاة لقريش، بعثونا نسقيهم من الماء. فكره القوم خبرهما،
ورجَوا أن يكونا لأبي سفيان، فضربوهما فلما ذلقوهما قالا نحن لأبي سفيان.
فتركوهما، وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد سجدتين، ثم سلم وقال:
"إذا صدَقاكم ضربتموهما، وإذا كذباكم تركتموهما. صدقا، والله إنهما لقريش،
أخبراني عن قريش" . قالا هم وراء هذا الكَثيب الذي ترى بالعدوة القصوى
-والكثيب: العَقَنْقَل -فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كم
القوم؟ " قالا كثير. قال: "ما عدَّتهم؟ " قالا ما ندري. قال: "كم ينحَرُون
كل يوم؟ " قالا يوما تسعًا، ويوما عشرًا، قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: "القوم ما بين التسعمائة إلى الألف" . ثم قال لهما: "فمن فيهم من
أشراف قريش؟ " قالا عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو البخْتري بن هشام،
وحكيم بن حِزَام، ونوفل بن خويلد، والحارث بن عامر بن نوفل، وطُعَيمة بن
عدي بن [نوفل، والنضر بن الحارث، وزَمَعَة بن الأسود، وأبو جهل بن هشام،
وأمية] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
بن خلف، ونُبَيْه ومُنَبِّه ابنا الحجاج، وسهيل بن عمرو، وعمرو بن عبد ود.
فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: "هذه مكة قد ألقت
إليكم أفلاذ كبدها" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
قال محمد بن إسحاق، رحمه الله تعالى: وحدثني عبد الله بن أبي بكر بن
حزم: أن سعد بن معاذ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لما التقى الناس
يوم بدر: يا رسول الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه، ونُنِيخ إليك ركائبك،
ونلقى عدونا، فإن أظهرنا الله عليهم وأعزنا فذاك ما نحب، وإن تكن الأخرى
فتَجلسَ على ركائبك، وتلحق بمن وراءنا من قومنا، فقد -والله-تخلف عنك أقوام
ما نحن بأشدَّ لك حبا منهم، لو علموا أنك تلقى حربا ما تخلفوا عنك،
ويوادونك وينصرونك. فأثنى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرًا، ودعا
له به. فبُنِيَ له عريش، فكان فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر،
ما معهما غيرهما الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
قال ابن إسحاق: وارتحلت قريش حين أصبحت، فلما أقبلت ورآها رسول الله صلى
الله عليه وسلم تُصَوِّب من العَقَنْقَل -وهو الكثيب -الذي جاءوا منه إلى
الوادي قال: "اللهم هذه الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP قريش قد أقبلت بفخرها وخيلائها تحادك وتكذب رسولك، اللهم أحنهم الغداة" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقوله: ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ) قال محمد بن إسحاق: أي ليكفر من كفر بعد الحجة، لما رأى من الآية والعبرة، ويؤمن من آمن على مثل ذلك.
وهذا تفسير جيد. وبَسْطُ ذلك أنه الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
تعالى يقول: إنما جمعكم مع عدوكم في مكان واحد على غير ميعاد، لينصركم
عليهم، ويرفع كلمة الحق على الباطل، ليصير الأمر ظاهرًا، والحجة قاطعة،
والبراهين ساطعة، ولا يبقى لأحد حجة ولا شبهة، فحينئذ ( يَهْلِكَ مَنْ
هَلَكَ ) أي: يستمر في الكفر من استمر فيه على بصيرة من أمره أنه مبطل،
لقيام الحجة عليه، ( وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ ) أي: يؤمن من آمن ( عَنْ
بَيِّنَةٍ ) أي: حجة وبصيرة. والإيمان هو حياة القلوب، قال الله تعالى: الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B2 أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B1 [الأنعام: 122]،وقالت عائشة في قصة الإفك: فيَّ هلك من هلك أي: قال فيها ما قال من الكذب والبهتان والإفك.
وقوله: ( وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ ) أي: لدعائكم وتضرعكم واستغاثتكم
به ( عَلِيمٌ ) أي: بكم وأنكم تستحقون النصر على أعدائكم الكفرة المعاندين .

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B2 إِذْ
يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا
لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ
إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (43) وَإِذْ
يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلا
وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ
مَفْعُولا وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (44) الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B1
قال مجاهد: أراه الله إياهم في منامه الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP قليلا فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بذلك، فكان تثبيتا لهم.
وكذا قال ابن إسحاق وغير واحد. وحكى ابن جرير عن بعضهم أنه رآهم بعينه التي ينام بها.
وقد روى ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يوسف بن موسى المدبر، حدثنا أبو
قتيبة، عن سهل السراج، عن الحسن في قوله: ( إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي
مَنَامِكَ قَلِيلا ) قال: بعينك.
وهذا القول غريب، وقد صرح بالمنام هاهنا، فلا حاجة إلى التأويل الذي لا دليل عليه الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقوله: ( وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ ) أي: لجبنتم عنهم
واختلفتم فيما بينكم، ( وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ ) أي: من ذلك: بأن
أراكهم قليلا ( إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) أي: بما تجنه
الضمائر، وتنطوي عليه الأحشاء، فيعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
وقوله: ( وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ
قَلِيلا ) وهذا أيضًا من لطفه تعالى بهم، إذ أراهم إياهم قليلا في رأي
العين، فيجرؤهم عليهم، ويطمعهم فيهم.
قال أبو إسحاق السَّبِيعي، عن أبي عبيدة، عن عبد الله بن مسعود، رضي
الله عنه، قال: لقد قُلِّلُوا في أعيننا يوم بدر، حتى قلت لرجل إلى جانبي:
تراهم سبعين؟ قال: لا بل [هم] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP مائة، حتى أخذنا رجلا منهم فسألناه، قال الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP كنا ألفا. رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقوله: ( وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ) قال ابن أبي حاتم: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن الزبير بن الخرِّيت الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP عن الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
عكرمة: ( وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ
قَلِيلا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ) قال: حضض بعضهم على بعض.
إسناد صحيح.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه
في قوله تعالى: ( لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولا ) أي: ليلقي
بينهم الحرب، للنقمة ممن أراد الانتقام منه، والإنعام على من أراد تمام
النعمة عليه من أهل ولايته.
ومعنى هذا أنه تعالى أغرى كلا من الفريقين بالآخر، وقلَّله في عينه
ليطمع فيه، وذلك عند المواجهة. فلما التحم القتال وأيد الله المؤمنين بألف
من الملائكة مردفين، بقي حزب الكفار يرى حزب الإيمان ضعفيه، كما قال تعالى:
الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B2 قَدْ
كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ
الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B1 [آل عمران: 13]،وهذا هو الجمع بين هاتين الآيتين، فإن كلا منها الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP حق وصدق، ولله الحمد والمنة.
الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B2 يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45) الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  B1
هذا تعليم الله الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP عباده المؤمنين آداب اللقاء، وطريق الشجاعة عند مواجهة الأعداء، [فقال] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا )
ثبت في الصحيحين، عن عبد الله بن أبي أوفى، عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم أنه انتظر في بعض أيامه التي لقي فيها العدو حتى إذا مالت الشمس قام
فيهم فقال: " يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية،
فإذا لقيتموهم فاصبروا الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف". ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم
وقال: " اللهم، مُنـزل الكتاب، ومُجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم
وانصرنا عليهم" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وقال عبد الرزاق، عن سفيان الثوري، عن عبد الرحمن بن زياد، عن عبد الله
بن يزيد، عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا
تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا واذكروا
الله فإن أجلبوا الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP وضجوا الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP فعليكم بالصمت" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP2
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي، حدثنا
أمية بن بِسْطام، حدثنا معتمر بن سليمان، حدثنا ثابت بن زيد، عن رجل، عن
زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يحب الصمت عند
ثلاث: عند تلاوة القرآن، وعند الزَّحف، وعند الجنازة" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
وفي الحديث الآخر المرفوع يقول الله تعالى: "إن عبدي كلَّ عبدي الذي يذكرني وهو مناجز قرنه" الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP2 أي: لا يشغله ذلك الحال عن ذكرى ودعائي واستعانتي.
وقال سعيد بن أبي عَرُوبة، عن قتادة في هذه الآية، قال: افترض الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP الله ذكره عند أشغل ما تكونون الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP عند الضراب بالسيوف.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا عبدة بن سليمان، حدثنا ابن
المبارك، عن ابن جُريج، عن عطاء قال: وجب الإنصات والذكر عند الزحف، ثم تلا
هذه الآية، قلت: يجهرون بالذكر؟ قال: نعم.
وقال أيضًا: قُرئ علي يونس بن عبد الأعلى، أنبأنا ابن وهب، أخبرني عبد الله بن عياش الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
عن يزيد بن قوذر، عن كعب الأحبار قال: ما من شيء أحب إلى الله تعالى من
قراءة القرآن والذكر، ولولا ذلك ما أمر الناس بالصلاة والقتال، ألا ترون
أنه أمر الناس بالذكر عند القتال، فقال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
قال الشاعر:

ذكـرتك والخَطـى يخطرُ بَيْنَنــَا


وَقَـد نَهَلـَتْ فِينَا المـُثَقَّفَـةُ السُّمْرُ
وقال عنترة: الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP

ولَقَـد ذَكـَرْتُك والـرِّمَاحُ شَوَاجِرٌ


فِينَـا وَبِيـضُ الْهِـنْدِ تَقْطُر منْ دَمِي

[فـوددت تقبيـل السيـوف لأنها


لمعت كبـارق ثغـرك الـمتبسـم] الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP
فأمر تعالى بالثبات عند قتال الأعداء والصبر على مبارزتهم، فلا يفروا
ولا ينكلوا ولا يجبنوا، وأن يذكروا الله في تلك الحال ولا ينسوه بل
يستعينوا الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  MARGNTIP به ويتكلوا عليه، ويسألوه النصر على أعدائهم،










اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34527

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  Empty رد: الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال

مُساهمة من طرف M.AYMAN الجمعة 20 مايو - 18:53:56

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  11111113

موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا




M.AYMAN
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 1898
تاريخ الميلاد : 13/10/1985
العمر : 38

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  Empty رد: الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال

مُساهمة من طرف اعصار السبت 21 مايو - 15:07:28

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  11111113

موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34527

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  Empty رد: الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال

مُساهمة من طرف M.AYMAN السبت 21 مايو - 16:51:13

مشكووووووووووووور




M.AYMAN
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 1898
تاريخ الميلاد : 13/10/1985
العمر : 38

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  Empty رد: الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال

مُساهمة من طرف اعصار الأربعاء 25 مايو - 18:53:50

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد

هنا



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34527

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال  Empty رد: الجزء السادس من تفسير سورة الأنفال

مُساهمة من طرف aaaa الخميس 29 مارس - 22:14:23

شكرا على الموضوع
لا تبخل علينا




aaaa
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 40

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى