قال الله سبحانه و تعالى عنه قرآنا و قالوا عنه معجزة

الحمد لله رب العلمين، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم ، و صل اللهم و سلم و بارك على سيدنا و نبينا و عظيمنا محمد صلوات ربي و سلامه عليه و على آله و صحبه و من ولاه إلى يوم الدين، أمين.

خير ما ينطق به اللسان و أحسن ما يقال في هذا المقام

تحية الاسلام السلام،

السلام عليكم و رحمة الله تعالى بركاته، و بسم الله نبدأ

        في الحقيقة لفظ * المعجزة * بمصطلحه المتعارف عليه اليوم لم يرد قط في القرآن الكريم ، وإنما وردت بعض مشتقات هذا اللفظ أما المعنى الشائع فهو مصطلح حديث للتعبير عن الآية إلا أنه استعمل في أغلب الأحيان في غير محله ...
فتعريف المعجزة عند من يتمسكون بهذا المصطلح هو الأمر الخارق للعادة الذي يعجز الناس عن الاتيان بمثله ولو حاولوا ذلك إذ أنهم يشاهدون تلك المعجزة تتحقق على يد النبي وإن حاولوا القيام بمثلها عجزوا عن ذلك تماما ..

        ولكن عند اسقاط تعريفهم هذا عل بعض ما يعتقدونه معجزات حسب هذا التعريف نراه لا يصلح ولا يستقيم ...
فمثلا يعتبرون تكلم نملة سليمان عليه السلام معجزة وفي الحقيقة حسب فهمهم لقصة النملة فلا أحد شاهد هذه النملة تتكلم و لا أحد فهم ما قالته لسيدنا سليمان ...وأقل ما قد يقوله أي معادي لفهمهم هذا أن سليمان ادعى أنه فهم من قول النملة كذا وكذا ولكنهم لا يشهدون على اعجازه ...لأنه حسب تعريف المعجزة أنها تختص بالأمور التي يستطيع أي شخص آخر محاولة مجاراة النبي في ذلك فيعجز ....فيكون ما قدمه النبي دليلا معجزا ..ومثال على ذلك التحدي الرائع الذي قدمه القرآن الكريم إذ طالب بلغاء العرب وأفصحهم أن يأتوا بآيات أو سور مثله وعند محاولتهم ذلك سيجدون العجز يطبق على كل محاولاتهم ..

إذن فلفظ المعجزة ليس لفظا دقيقا فهو يصلح في حالات معينة ولا يصلح في غيرها ، ولذلك استعمل القرآن الكريم لفظ * الآية* فهو أبلغ وأدق ويصلح في كل الحالات على اختلافها ...

        ومن جهة أخرى هناك علة عظيمة في الفهم العام لمن يتمسكون بلفظ المعجزة ، فهم لا يفرقون بين الأمر الخارق للعادة وبين الأمر الخارق لسنن الله تعالى ، والحق أن الآيات خارقة للعادة ولكنها ليست خارقة لسنن الله تعالى ...فمثلا يفهمون من خلال تحول عصا موسى عليه السلام الى أفعى أنها بالفعل تحولت الى أفعى حقيقية وفي هذا خرق لسنن الله تعالى الذي جعل للعصا منشئا خاصا وللأفعى منشئا خاصا آخر ، فالأفعى تخلق بطريقة معينة وفق سنة الله تعالى القديمة ولا تخلق من العصي ، والعصا أصبحت عصا وفق سنة الله القديمة ولن تتحول الى أفعى ..وسنن الله تعالى أكد أنها لن تتبدل ولن تتحول ولن تتغير ...

ولكن الحقيقة هي أن سنة الله لم تخرق وإنما خرقت العادة إذ حول الله العصا الى أفعى عن طريق الكشف فرأى الناس العصا كحية تسعى لتحقيق غاية معينة ولكن سرعان ما عادت الى سيرتها الأولى مما يؤكد أنها لم تتحول إلى أفعى حقيقية ولم يكن هناك أي خرق لسنن الله القديمة التي لن نجد لها تبديلا ولا تغييرا ...