ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دور الامم المتحدة في القانون الدولي وحقوق الانسان

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

دور الامم المتحدة في القانون الدولي وحقوق الانسان Empty دور الامم المتحدة في القانون الدولي وحقوق الانسان

مُساهمة من طرف زائر الخميس 21 أغسطس - 23:49:50

        اقتصر اهتمام المجتمع الدولي بحقوق الإنسان بدايةً على عدد من الحالات المحدودة، كمكافحة الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان كالإتجار بالرقيق.بمعنى أنها كانت بداية متواضعة، ومن ثم تدرج الامر بعد ذلك إلى إقرار التدخل لأهداف إنسانية في بعض الحالات، وإلى حماية الأقليات وبعض حقوق الإنسان في الأقاليم المستعمرة.


        أما عهد عصبة الأمم (1920-1939) فلم يتضمن نصوصا دولية خاصة بحماية حقوق الإنسان، باستثناء ما جاء فيه من التزام أعضاء العصبة بأن يعاملوا بصورة عادلة الشعوب التي تقطن الأقاليم الخاضعة لإداراتهم، سواء حماية أو انتداب وكذلك حماية حقوق الأقليات، إضافة إلى اهتمام مكتب العمل الدولي، بموضوع توفير الأجر للعامل ورعاية شؤونه وتحسين أحواله والذي أصبح فيما بعد منظمة العمل الدولية.


        أي أن اهتمام عصبة الامم في حقوق هذه الفئات كان جزئياً.إضافة إلى عيوب كثيرة لازمت عهد العصبة منذ نشأته، مما أدى إلى قيام الحرب العالمية 2 التي أنصفت بالشمول ومشاركة الشعوب التي كانت تخضع للنظام الاستعماري إلى جانب الحلفاء بقصد استعادة استقلالها.إذ فشلت عصبة الأمم في منع قيام الحرب بين الدول وتسوية منازعاتهم بالطرق السلمية والتعاون الدولي.


        ان ما خلفته الحرب العالمية الثانية من ويلات وتدمير وجرائم حرب وإبادة والإعدام الجماعي للأسرى والمدنيين وارتكاب العديد من الدول جرائم ضد الانسانية واستمرار هذه الانتهاكات وتواصلها هي التي جعلت قضية حقوق الإنسان، قضية في غاية الأهمية لدى أعضاء الجماعة الدولية، والتي نتج عنها اقتناع آباء التنظيم الدولي المعاصر بأن النظم الفاشية التي تنكرت لحقوق الإنسان في فترة ما بين الحربين، كانت هي المسؤولة عن اندلاع الحرب العالمية الثانية، وبأن تعزيز احترام هذه الحقوق وتأمين الضمانات لحمايتها ومعاقبة من يعتدي عليها، كفيل بإشاعة السلام في أرجاء العالم، والتي كانت نقطة تحول هامة في مجال حقوق الإنسان.




        وبذلك انتقل الاهتمام في موضوعات حقوق الإنسان من المجال الوطني إلى المجال الدولي، وإن كنا قد أشرنا سابقاً إلى حقوق الإنسان في ظل عصبة الأمم، إلا أن التطور الكبير في هذا المجال بدأ مع قيام منظمة الأمم المتحدة، التي تمت الموافقة على ميثاقها في مؤتمر سان فرنسيسكو المنعقد في 25 نيسان 1945 ، والذي يعد أول وثيقة دولية اعترفت بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية باعتباره أحد مبادئ القانون الدولي، وعند إعداد مسودته عارضت الدول الكبرى على الاقتراح الذي كان يقضي بوضع تعريف دقيق ومحدد لحقوق الإنسان المشار إليها في بعض نصوصه عبر وثيقة ملحقة بالميثاق، ولكن الرأي الغالب في مؤتمر سان فرانسيسكو ذهب إلى الاكتفاء بالإشارة إلى وجود احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية دون الحاجة إلى وثيقة مستقلة، وترك الأمر إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لتتولى ذلك فيما بعد. ولكن رغم ذلك فقد أولتها عناية خاصة في النص عليها في مواضع متعددة، واهتمت بتطوير قواعدها اهتماماً كبيراً من خلال العديد من الإعلانات عن المؤتمرات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان التي أصدرتها والتي دعت فيها جميع دول العالم إلى تطبيق مبادئ حقوق الإنسان، والعمل على إرساء العديد من المبادئ العامة من خلال المعاهدات الدولية التي عقدت على الصعيد العالمي وتضمنت للعديد من هذه المبادئ، نظراً للترابط الوثيق بين حماية حقوق الإنسان وحفظ السلم والأمن الدوليين.


        فحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية تشكل الركيزة أو القاعدة الأساسية لتحقيق السلم والأمن الدوليين، وهذا هو سر العناية بحقوق الإنسان.


        وهكذا فإن الاهتمام الدولي بحقوق الإنسان قد تبلور بشكل واضح في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية ومع قيام منظمة الأمم المتحدة، وقد أضحى يمثل إحدى السمات الأساسية والمميزة للنظام الدولي المعاصر والذي أرسيت دعائمه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.


        فخلافاً لما كان عليه الحال في الماضي، وفي ظل قواعد القانون الدولي التقليدي، لم تعد مسألة حقوق الإنسان وحرياته الأساسية من الأمور التي تندرج فقط ضمن نطاق الاختصاص الداخلي للدول.بل أصبح المجتمع الدولي طرفاً أصيلاً فيما يتعلق بهذه المسألة وخاصة في الأحوال التي يحدث فيها خروج متعمد- وبشكل منظم- على مجموعة القواعد والأحكام ذات الصلة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية كحقوق الأفراد أو أقلية عرقية معينة.


        ومن الواضح أن التناول الدولي لقضايا حقوق الإنسان، سواء فيما يتعلق ببيان ماهية هذه الحقوق ، أو لجهة النص على الضمانات اللازمة التي تكفل احترامها وإتاحة الفرصة للتمتع بها، قد شهد تطوراً كبيراً منذ إنشاء الأمم المتحدة. فمنذ ذلك التاريخ باتت قضايا حقوق الإنسان وضماناته المختلفة ، تشكل كما بيّنا أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان



        وبهدف  دراسة حقوق الإنسان في ميثاق الأمم المتحدة بشكل أكثر تفصيلاً ،سنقوم ببيان وتوضيح مكانة هذه الحقوق في نصوص الميثاق وأهم الأجهزة التابعة لها ،والتي تشكل حقوق الإنسان جزءاً كبيراً من اختصاصاتها، ومن ثم التطرق إلى الشرعة الدولية لحقوق الإنسان


  حقوق الإنسان في ميثاق الأمم المتحدة


        يمثل ميثاق الأمم المتحدة نقطة تحول في مجال الاعتراف بحقوق الإنسان وحرياته، إذ حرص واضعوه على تضمينه نصوصا صريحة تصون للإنسان - فرداً وجماعة - حقوقه وحرياته وتهتم بها اهتماماً دقيقاً ، وهي سمات تميز بها عن عهد عصب الامم. وكانت صياغة هذه الحقوق أكثر دقة ووضوحاً وتحديداً من الإعلانات الوطنية التي اقتصرت على ذكر بعض مظاهر الحقوق والتأكيد على بعضها وإغفال بعضها الآخر. كما ان تناول الميثاق لتلك الحقوق كان أكثر تناسقا ،وظهر من خلاله الفرد أكثر أهمية في مجال العلاقات الدولية والقانون الدولي.وبذلك اعتبر الميثاق أول معاهدة متعددة الأطراف في تاريخ العلاقات الدولية ، والتي اقرت مبدأ احترام الحقوق والحريات، وجعلته هدفاً من الأهداف الأربعة الأساسية التي تسعى المنظمة الدولية لإنجازها.


        وبذلك يعد ميثاق الامم المتحدة، الوثيقة الدولية الأولى ذات الطابع العالمي أو شبه العالمي الذي تضمن النص على مبدأ حقوق الإنسان.


        فميثاق الأمم المتحدة هو معاهدة جماعية توافقت فيها إرادة أعضاء المجتمع الدولي، بهدف تحديد قواعد القانون الدولي التي تحكم العلاقات بين الدول، وتقر السلام والعدل، وتدفع الرقي الاجتماعي للشعوب قدماً، فالميثاق من قبيل المعاهدات الشارعة التي تفرض على الأطراف المتعاقدة الالتزام بهذه القواعد وتحتم سيادتها على قواعد القانون الوطني بما في ذلك الدستور الداخلي


اولا: نصوص حقوق الانسان في ميثاق الأمم المتحدة


        يتألف الميثاق من تسعة عشر فصلاً تتضمن مائة وإحدى عشرة مادة. إذ جاء في ديباجته ، تأكيد شعوب الأمم المتحدة لإيمانها بحقوق الإنسان وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية. كما نصت على هدف الدفع بالرقي الاجتماعي قدماً، ورفع مستوى الحياة في جو فسيح من الحرية، وإن ما جاء في الديباجة من مقاصد وأغراض الأمم المتحدة ، قد عكس رأياً عالمياً معاصراً، وأن الوظيفة الأولى للأمم المتحدة تتمثل في حفظ السلم والأمن الدوليين. وقد بات راسخاً اليوم الاعتقاد بأن الاحترام العام لحقوق الإنسان ولحرياته الأساسية شرط لحفظ السلم والأمن الدوليين، بل ولاحترام القانون عموماً.وقد حددت المادة الأولى من الميثاق أهداف ومقاصد الأمم المتحدة وجعلت من بين هذه الأهداف في فقرتها الثالثة: "تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً ، دون تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين،  ولا تفريق بين الرجال والنساء".


        ونصت المادة (8"أنه لا يجوز للأمم المتحدة أن تضع أية قيود على أهلية الرجال والنساء للمشاركة في أجهزتها الفرعية في أية وظيفة وبمقتضى شروط المساواة".


        وأشارت المادة (13) من الميثاق إلى هذه الحقوق وهي تبين وظائف الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الفقرة (ب) بالقول: إلى أن الجمعية العامة تنشئ دراسات، وتشير بتوصيات لمقاصد عديدة منها: "الإعانة على تحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة بلا تمييز بينهم في الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء".


        وبما أن حقوق الإنسان لا تقتصر فقط على الحقوق المدنية والسياسية ، وإنما تشمل أيضاً الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ً، لذا خصص الميثاق الفصل التاسع منه للتعاون الدولي والاقتصادي والاجتماعي، حيث أشارت المادة 55 منه على أنه : "رغبة في تهيئة دواعي الاستقرار والرفاهية الضروريين لقيام علاقات سليمة وودية بين الأمم مؤسسة على احترام المبدأ الذي يقضي بالتسوية في الحقوق بين الشعوب، وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها، تعمل الأمم المتحدة على: "..... أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تميز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء، ومراعاة تلك الحقوق والحريات فعلاً" ".



        وبهدف إعطاء النص أعلاه قيمة قانونية أكبر، فقد نصت المادة 56 على أن "يتعهد جميع الأعضاء (في الأمم المتحدة) بأن يقوموا، منفردين أو مشتركين، بما يجب عليهم من عمل بالتعاون مع الهيئة لإدراك المقاصد المنصوص عليها في المادة الخامسة والخمسين"، وهذا النص يعد المستند التشريعي لالتزام الدول بالتعاون مع الأمم المتحدة بصدد الحماية الدولية لحقوق الإنسان، وهو من أهم النصوص التي وردت في الميثاق.



        ونصت المادة 62 الخاصة بوظائف وسلطات المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الفقرة الثانية منه: ".... وله أن يقدم توصيات فيما يختص بإشاعة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها".



        وفي المادة 68 نصت على أنه: "ينشئ المجلس الاقتصادي والاجتماعي لجاناً للشؤون الاقتصادية والاجتماعية ولتعزيز حقوق الإنسان، كما ينشئ غير ذلك من اللجان التي قد يحتاج إليها لتأدية وظائفه".




        وأخيراً واتساقاً مع مقاصد الأمم المتحدة المبينة في المادة الأولى من الميثاق. حيث نصت المادة (76) في الفقرتين (ج، د) على أن من بين أهداف نظام الوصاية الدولي- والذي حل محل نظام الانتداب القائم في ظل عصبة الأمم : "العمل على ترقية أهالي الأقاليم المشمولة بالوصاية في أمور السياسة والاجتماع والاقتصاد والتعليم، وإطراد تقدمها نحو الحكم الذاتي أو الاستقلال، وكذلك التشجيع على احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين، ولا تفريق بين الرجال والنساء...".




        وبهدف ترجمة ونقل هذه النصوص من الواقع النظري إلى الواقع التطبيقي والفعلي، فقد ركزت الأمم المتحدة جُلّ اهتمامها باتخاذ زمام المبادرة لصياغة العديد من الإعلانات والمواثيق أو الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية سواء في مجملها أو من خلال التركيز على طوائف محددة منها، هذا من جهة ومن جهة أخرى، الاهتمام بإنشاء آليات أو أجهزة خاصة مهمتها الإشراف على كفالة الاحترام الدولي لهذه الحقوق والعمل على ترقيتها وتطويرها وتوسيع نطاق القبول بها في مختلف دول العالم.




        وللإشراف على تطبيق هذه النصوص، تم اعتماد النظام الاختياري أو غير الإكراهي، وذلك تحسباً ومراعاةً لجانب سيادة الدول. وكما جاء في الميثاق ، فإن هذا النظام تمثل بآلية تقديم التقارير والدراسات التي يمكن أن تطلبها الجمعية العامة أو المجلس الاقتصادي والاجتماعي حول حقوق الإنسان عموماً أو حول البعض من هذه الحقوق. إذاً فإنه نظام اختياري قد يؤدي عموماً إلى توجيه ملاحظات ضمن توصيات غير إلزامية.



ثانيا : القيمة القانونية لنصوص الميثاق


        أشارت المادة (56) صراحة إلى أن الدول الأعضاء تتعهد بمقتضاه القيام بما يجب عليهم عمله من أجل التعاون مع المنظمة لتحقيق مقاصدها فيما يتعلق بحقوق الإنسان، إلا أن الفقه اختلف بشأن حدود القيم الإلزامية لمجمل نصوص الميثاق الواردة بهذا الخصوص، ونتيجة لذلك تعددت الاتجاهات بهذا الخصوص ال ان الاتجاه المرحج هو

[size=9] ا، هو الذي ينضم إليه غالبية فقهاء القانون وأساتذة العلوم السياسية، والذي مؤداه أن نصوص الميثاق المتعلق بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية لها قوة قانونية ملزمة بدون شك وسندها في ذلك ليس فقط ما جاء في الديباجة أو في نص المادتين (55) و(56) السالفي الذكر، وإنما أيضاً في نص المادة (13) منه التي ألزمت الأمم المتحدة بالعمل على أن يشيع في العالم احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية والإعانة على تحقيقها[/size]

ونحن نؤيد هذا الاتجاه الاخير، باعتبار أن نصوص الميثاق المتعلق بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية تتسم بالصفة القانونية الملزمة ، بالاستناد إلى أنها تعني ضمنياً أن الدول ملتزمة من جانبها بمراعاة هذه الحقوق تجاه مواطنيها أو رعاياها ، وهذا ما هو واضح بوجود التزام ضمني في نصوص المواد (55 و56 و13).


وهكذا ، فإن حقوق الإنسان وانتهاكاتها لم تعد من الاختصاصات المطلقة للدولة، ولا ينطبق عليها نص الفقرة السابعة من المادة الثانية من ميثاق الأمم المتحدة التي تنص على أنه: "ليس في هذا الميثاق ما يسوغ للأمم المتحدة أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما، وليس فيه ما يقتضي الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لكي تحل بحكم هذا الميثاق...".


        فحقوق الإنسان في هذه الحالة لا تعد أمراً داخلياً بحتاً، ولا بد من تدخل واهتمام المجتمع الدولي، وعلى هذا الأساس كانت للأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة من مبررات، وذلك لإدانة الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان سواء في جنوب أفريقيا أو في الأراضي العربية المحتلة.


        وبذلك صارت السيادة حجر الزاوية في تشريعات حقوق الإنسان بدءاً من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي يتحدث عن علاقة حكومات ذات سيادة بشعوبها، ولكن السيادة المطلقة تراجعت إلى الحد الذي أصبحت الأمم المتحدة فيها ممثلة لمجتمع الأمم ككل، وبذلك تكون سلطتها أعلى من سلطة الحكومة.



         ولأغراض إنسانية، فإن القانون الدولي اعترف عادة بمبدأ التدخل العسكري، وأن ميثاق الأمم المتحدة أصلاً صمم ليقصر استخدام القوة على حالة الدفاع عن النفس وحالة العمل الجماعي لحماية السلام وحقوق الإنسان. ومن أبرز التدخلات التي أجازتها الأمم المتحدة، حالة كردستان العراق 1991 بذريعة حماية حقوق الإنسان، والصومال 1992، إذ يجمع الفقه على أن عملية "استعادة الأمل" تعد أول عملية إنسانية حقيقية للأمم المتحدة، وهي مثال للتدخل الإنساني العسكري،ويؤكد بعض الفقهاء أن مبدأ التدخل الدولي لأغراض إنسانية أضحى أمراً وارداً، له ما يسوغه قانوناً وواقعاً. لكن هذا البعض يطالب عند الأخذ به مراعاة أربع ضوابط أساسية.


1[size=9]  اعتبار التدخل الإنساني استثناءً للقاعدة.[/size]

2 اعتبار هذا التدخل آخر البدائل المتاحة، وحصوله بعد استنفاذ الوسائل الأخرى التي تحترم فيها السيادة الوطنية للدولة المستهدفة، مع الالتزام بأن لا ينتج التدخل آثاراً أكثر ضرراً وأشد خطورة مما لو ترك الأمر بعهدة الدولة المعنية.

‌3وجود رفض التدخل من جانب دولة واحدة أو من جانب عدد محدود من الدول، حتى لو كان ذلك بدعوى حماية المواطنين أو إنقاذ الرعايا من مخاطر محتملة.

4.التشديد على وجوب الاعتماد في مثل تلك الحالات الخطيرة من الانتهاكات، على المنظمات الدولية أو الإقليمية المختصة للقيام بتدخل جماعي ومدروس ومنظم بعيداً عن الأهواء والمصالح الخاصة. وسواء كان هذا التدخل أممياً أو إقليمياً بتفويض أو بدون تفويض، فإن الرأي الفقهي الغالب أنه لا يوجد حق مقرر للتدخل الإنساني، فليس من حق دولة أو مجموعة من الدول أن تخرق السيادة الوطنية أو الاستقلال لدولة أخرى بحجة مساعدة شعب تلك الدولة لما قد يكتنف ذلك من دوافع سياسية


اجهزة الامم المتحدة وحقوق الانسان


        لم يقتصر دور الأمم المتحدة في حماية حقوق الإنسان على النصوص الواردة في الميثاق، بل انشئ عدد من الأجهزة بهدف مراقبة تطبيق ومتابعة حماية واحترام الحقوق والحريات التي تضمنها الميثاق والمواثيق الدولية الأخرىا




أولا الجمعية العامة




        تعتبر الجمعية العامة من أبرز أجهزة الأمم المتحدة باعتبارها الجهاز الرئيسي العام في المنظمة الذي يضم بين جنباته كل أعضائها، فضلاً عن تمتعها بسلطات عامة، إذ لها أن تناقش أية مسألة أو أمر يدخل في نطاق الميثاق، أو يتصل بسلطات ومهام جميع الأجهزة الأخرى للأمم المتحدة




        ومهام الجمعية العامة في إطار حقوق الإنسان، حسبما جاء في الميثاق، أنها تعد الدراسات وتقدم التوصيات بقصد التعاون الدولي في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحة، والإعانة على تحقيق حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس كافة دون التمييز لجهة الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء




        وتحيل الجمعية العامة معظم القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والمحالة إليها من المجلس الاقتصادي والاجتماعي أو من اللجان المختصة برصد تطبيق الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، إلى اللجنة الرئيسية الثالثة التابعة لها




        وتقوم الجمعية العامة من وقت لآخر بإنشاء أجهزة فرعية، ذات طابع مؤقت أو خاص، وكذلك لجاناً خاصة من أجل مساعدتها في تأدية المهام الملقاة على عاتقها فيما يتعلق بحقوق الإنسان مثلا لجنة الخاصة لمناهضة الفصل العنصري لعام 1962 وغيرها




        يشار إلى أن الجمعية العامة هي أكثر أجهزة الأمم المتحدة التي تتبنى الصكوك الدولية الخاصة بحقوق الإنسان سواء في صورة إعلانات أو قرارات أو توصيات أو اتفاقيات دولية أو غيرها، فهي التي تبنت الميثاق الدولي لحقوق الإنسان (الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين)، وكذلك أغلب الوثائق الدولية الهامة الأخرى التي صدرت عن الأمم المتحدة ،وهي التي تصدر القرارات بشأن تعزيز وحماية حقوق الإنسان في دول العالم كافة، وتصدر القرارات لتوجيه أعمال المجلس الاقتصادي والاجتماعي واللجان المتفرعة عنه المعنية بحقوق الإنسان




        وتؤلف القرارات التي تصدرها الجمعية العامة سنوياً والمتعلقة بحقوق الإنسان والمعتمدة من اللجنة الثالثة، 1993

        ونستخلص من كل ذلك ، بأن للجمعية العامة دور كبير في هذا المضمار عن طريق إجراء الدراسات وتقديم التوصيات وإصدار القرارات لتعزيز حقوق الإنسان وحمايته عن طريق تعزيز التعاون الدولي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسعي لأجل تمتع جميع الناس بكافة حقوقهم الأساسية دون تفرقة بسبب الجنس أو العنصر أو اللغة أو الدين.




 




[size=21]ثانيا: المجلس الاقتصادي والاجتماعي 
[/size]
        يُعد هذا المجلس من الأجهزة الرئيسية التابعة للأمم المتحدة، ومن أهم الهيئات التي تتناول قضايا حقوق الإنسان بين اختصاصاتها، حيث اللجان المعنية بحقوق الإنسان تمارس نشاطاتها ضمن مظلة المجلس، والتي تعرف باللجان الوظائفية أو الفنية وعن طريق لجنة تابعة لهذا المجلس يتم التشاور مع المنظمات غير الحكومية التي أصبحت تشكل عنصراً مهماً في أعمال لجان حقوق الإنسان




        كما يعتبر المجلس لاقتصادي والاجتماعي أداة الأمم المتحدة في العمل لتحقيق مقاصدها الاقتصادية والاجتماعية التي نصت عليها الفقرة الأولى من المادة (65) ، يستمد هذا المجلس اختصاصه من الميثاق. فله أن يضع دراسات فيما يتعلق بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والصحية والدولية، وله أن يقدم توصيات فيما يختص بإشاعة احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية ومراعاتها، كما له أيضاً أن يدعو إلى عقد مؤتمرات دولية لدراسة المسائل التي تدخل في دائرة اختصاصه، وفقاً للقواعد التي تضعها الأمم المتحدة وإقامة الصلة بين الأمم المتحدة وبين الوكالات الدولية المتخصصة وذلك بموجب اتفاقيات خاصة .وحسبما جاء في الميثاق فإن للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، الحق في أن ينشئ لجاناً للشؤون الاقتصادية والاجتماعية لتعزيز حقوق الإنسان، كما ينشئ غير ذلك من اللجان التي قد تحتاج إليها لتأدية وظائفه. وتطبيقاً لذلك فالمجلس تبنى موضوع تشكيل لجنة حقوق الإنسان التابعة للمنظمة منذ عام 1946. وكذلك اللجنة الخاصة بوضع المرأة واللجنة الفرعية لمحاربة الإجراءات التمييزية وحماية الأقليات. وهناك لجان فنية تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي




        لقد أسهم المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وما زال يسهم بدور هام في إطار حماية حقوق الإنسان داخل الأمم المتحدة، فعبر طريقه يتم إرسال ما يتعلق بحقوق الإنسان إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما اتخذ عام 1959، القرار الذي جاء فيه أن الشكاوى المرسلة إلى الأمم المتحدة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان، يجب إعداد قائمة سرية بها لترسل إلى لجنة حقوق الإنسان، واللجنة الفرعية لمحاربة الإجراءات التمييزية وحماية الأقليات. كما تبنى المجلس سنوياً العديد من القرارات الخاصة بحقوق الإنسان، أو التي تمس تطبيقها المباشر أو غير المباشر

ثالثا: الأمانة العام[size=18]ة[/size]

        تعد الأمانة العامة احدى هيئات المنظمة الرئيسية حسبما جاء في نص الميثاق. وقد اعطيت مركزا قانونيا لم يتوفر لمثيلتها ابان عصبة الامم.


        ولتعزيز دورها في مجالات حقوق الانسان أنشأت المنظمة شعبة خاصة لحقوق الإنسان داخل الأمانة العامة مقرها في جنيف في سويسرا، بهدف المساعدة في تطبيق بنود الميثاق المتصلة بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وتتحمل هذه الشعبة لكونها فرعاً من فروع الأمانة العامة للأمم المتحدة المسؤولية المستمرة عن المسائل المتعلقة بحقوق الإنسان من خلال الأقسام الثلاثة للشعبة، وهي قسم الوثائق الدولية والإجراءات، وقسم البحوث والدراسات ومنع التمييز، وقسم الخدمات الاستشارية والمطبوعات، ومن مهامها إعداد وتجميع الوثائق والبحوث والدراسات للأجهزة التابعة للأمم المتحدة ولجانها المعنية بالحقوق الإنسانية، ومتابعة ومواصلة هذا الموضوع عن كثب على المستوى الدولي وقد تم تحويل هذه الشعبة إلى مركز لحقوق الإنسان في كانون الاول / ديسمبر 1983، إلى جانب تعيين مفوض سامٍ للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهما الجهازان اللذان من خلالهما تمارس الأمانة العامة للأمم المتحدة الأنشطة المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية بالإضافة إلى الأمين العام، الذي يقوم بأداء تقرير سنوي عن أعمال المنظمة وفقاً للمادة (98) من الميثاق، كما ويقوم ببذل مساعيه الحميدة في حالة الانتهاكات الجسيمة والواسعة أو الجماعية لحقوق الإنسان.




        وتتصف دبلوماسية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التي يمارسها الأمين العام بأنها دبلوماسية هادئة، وهي مستندة إلى المساعي الحميدة التي يقوم بها، والتي تتمثل عادة بحالات عدة كإعادة الأسرى إلى بلدانهم أو تقديم الإغاثة للاجئين أو مساعدة قوافل الإغاثة في حالة الكوارث أو الحروب بغية الوصول إلى المنكوبين، أو لمنع مجازر وجرائم دولية مرتكبة في مناطق معينة، وتقوم إدارة الإعلام التابعة للأمانة العامة بإعداد ونشر دراسات تعريفية بأنشطة الأمم المتحدة في ميدان حقوق الإنسان وحرياته الأساسية(




        ونظراً لأهمية الأمانة، لكونها جهازاً يؤدي وظائف مرتبطة بمجمل أعمال المنظمة، فقد نص الميثاق على ضرورة التزام الأمين العام وموظفيه بألا يطلبوا أو يتلقوا، في تأدية واجباتهم، تعليمات من أية حكومة أو أية سلطة أخرى خارج المنظمة، كما أوجب عليهم الامتناع عن القيام بأي تصرف قد يسيء إلى مراكزهم بوصفهم موظفين دوليين مسؤولين أمام المنظمة وحدها وذلك لعدم التعارض بين مسؤولياتهم كموظفين دوليين وبين التعليمات التي يتلقونها من هذه المصادر الخارجية.




        كما تتعهد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة باحترام الصفة الدولية للأمين العام والجهاز الذي يعاونه. وأن تمتنع عن القيام بأية محاولات للتأثير عليهم خلال ممارستهم لمسؤولياتهم تجاه المنظمة الدولية
الأمين العام هو الذي يتولى تمثيل هيئة الأمم المتحدة أمام المحاكم وأمام المنظمات الدولية الأخرى، كما يتولى التعاقد باسم الهيئة

 
حقوق الإنسان في الإعلان العالمي
 

        أثناء انعقاد مؤتمر سان فرانسيسكو لإعداد ميثاق الأمم المتحدة، تم اقتراح وضع إعلان ملحق بالميثاق حول حقوق الإنسان الأساسية من قبل بعض الوفود آنذاك. ولكن هذا الاقتراح لم ينل قبول المؤتمرين. وأعيد الاقتراح من قبل (بنما) في الدورة الأولى للجمعية العامة التي عقدت في لندن عام 1946، ومن ثم كلفت لجنة حقوق الإنسان المنشأة حديثاً بإعداد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان




        لقد رأت اللجنة أن تكرس جهودها في المرحلة الأولى من عملها لإعداد إعلان دولي له صفة برنامج عام غير ملزم، على أن يعقب ذلك اتفاقية أو أكثر تتضمن التزامات قانونية واضحة وتدابير محدّدة لحماية حقوق الإنسان. وفعلاً أسفرت جهودها عن إعداد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10/12/1948(.




        وفي عام 1966 اعتمدت الأمم المتحدة وثيقتين دوليتين ارتكزتا على الحقوق التي نادى بها الإعلان العالمي، وهما العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فضلاً عن البروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي يتعلق بحق الأفراد في التظلم إلى الهيئة التي تراقب تنفيذ العهد، وهي لجنة حقوق الإنسان إذا انتهكت حقوقهم من جانب حكوماتهم، والتي تشمل فقط الدول المصدقة على العهد وموافقتها أيضاً على البروتوكول. وفي عام 1990، اعتمدت الجمعية العامة بروتوكولاً اختيارياً ثانياً للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ويتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام.




        تعد الشرعة الدولية لحقوق الإنسان الأساس الأخلاقي والقانوني لكافة أنشطة الأمم المتحدة ذات الصلة بحقوق الإنسان وبأنها حجر الأساس للنظام الدولي المتعلق بحماية وبتشجيع حقوق الإنسان(كما تعد بمثابة "ماجناكارتا" تدلل على ما وصل إليه العقل البشري في مجال حماية الكرامة الإنسانية وحقوق الإنسان وهو طموح قادر على الاستجابة إلى تحديات عصرنا الأساسية. ولم يبق إلا أن تصل مبادئها إلى المعنيين مباشرة، وأن يتم احترام هذه المبادئ من قبل حكامنا، أو من قبل من يعد نفسه للحكم ، عندها فقط تسقط الأطروحات الضيقة والأيديولوجيات الباعثة على التعصب والكراهية بين الإنسان وأخيه الإنسان. 




        كما تعد هذه الوثائق الثلاثة الأساس الذي اشتقت منه مختلف الأعمال والوثائق القانونية الدولية الأخرى الصادرة عن الأمم المتحدة كما تتضمن أيضاً مبادئ وقواعد عامة تتعلق أغلب حقوق الإنسان وأنها المصدر الرئيسي لأفكار حقوق الإنسان في العالم الحديث




زائر
زائر


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

دور الامم المتحدة في القانون الدولي وحقوق الانسان Empty رد: دور الامم المتحدة في القانون الدولي وحقوق الانسان

مُساهمة من طرف zaara الجمعة 22 أغسطس - 10:44:06

دور الامم المتحدة في القانون الدولي وحقوق الانسان R67J46




يعطيك الف الف عافية موضوع رااائع


وجهود أروع، ننتظر مزيدكم بشوووق



دور الامم المتحدة في القانون الدولي وحقوق الانسان 1089515888425910805



zaara
zaara
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 6998

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

دور الامم المتحدة في القانون الدولي وحقوق الانسان Empty رد: دور الامم المتحدة في القانون الدولي وحقوق الانسان

مُساهمة من طرف اعصار الجمعة 22 أغسطس - 15:07:32

اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34527

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى