ملتقى الجزائريين والعرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد Empty الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد

مُساهمة من طرف اعصار السبت 28 مايو - 15:40:00

الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا
يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا
وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ
(4) لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (5) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (6) الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 يخبر
تعالى عن خلقه السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام، ثم أخبر باستوائه
على العرش بعد خلقهن، وقد تقدم الكلام على هذه الآية وأشباهها في سورة
"الأعراف الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP بما أغنى عن إعادته هاهنا. < 8-9 > (يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأرْضِ ) أي: يعلم عدد ما يدخل فيها من حب وقطر
(وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا ) من زرع ونَبات وثمار، كما قال: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2
وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا
فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلا يَعْلَمُهَا
وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلا فِي
كِتَابٍ مُبِينٍ
الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [الأنعام: 59]. وقوله:
(وَمَا يَنـزلُ مِنَ السَّمَاءِ ) أي: من الأمطار، والثلوج والبرَد،
والأقدار والأحكام مع الملائكة الكرام، وقد تقدم في سورة "البقرة" أنه ما
ينـزل من قطرة من السماء إلا ومعها ملك يُقرّرها في المكان الذي يأمر الله
به حيث يشاء تعالى. وقوله: (وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا ) أي: من
الملائكة والأعمال، كما جاء في الصحيح: "يُرْفَعُ إليه عَمَلُ الليل قبل
النهار، وعمل النهار قبل الليل" الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP وقوله:
(وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ
بَصِيرٌ ) أي: رقيب عليكم، شهيد على أعمالكم حيث أنتم، وأين كنتم، من بر أو
بحر، في ليل أو نهار، في البيوت أو القفار، الجميع في علمه على السواء،
وتحت بصره وسمعه، فيسمع كلامكم ويرى مكانكم، ويعلم سركم ونجواكم، كما قال: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2
أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلا حِينَ
يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ
إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [هود: 5]. وقال الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 سَوَاءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1
[الرعد: 10]، فلا إله غيره ولا رب سواه. وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله
صلى الله عليه سلم قال لجبريل، لما سأله عن الإحسان: "أن تعبد الله كأنك
تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". وروى الحافظ أبو بكر الإسماعيلي
من حديث نصر بن خزيمة بن جنادة بن محفوظ بن علقمة، حدثني أبي، عن نصر بن
علقمة، عن أخيه، عن عبد الرحمن بن عائذ قال: قال عمر: جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه وسلم فقال: زودني كلمة أعيش بها فقال: "اسْتَحِ الله كما
تستحي رجلا من صَالِح عشيرتك لا يفارقك" الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP2 هذا
حديث غريب، وروى أبو نعيم من حديث عبد الله بن معاوية الغاضري مرفوعًا:
"ثلاث من فَعَلَهُنَّ فقد طَعِمَ الإيمان: من عبد الله وحده، وأعطى زكاة
ماله طيبةً بها نفسه في كل عام، ولم يعط الهَرَمة ولا الدَرنة، ولا الشَّرط
اللئيمة ولا المريضة ولكن من أوسط أموالكم. وزكى نَفْسَه" وقال رجل: يا
رسول الله، ما تزكية المرء نفسه؟ فقال: "يعلم أن الله معه حيث كان" الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP2 وقال
نُعَيْم بن حَمّاد، رحمه الله: حدثنا عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار
الحمصي، عن محمد بن مهاجر، عن عُرْوَةَ بن رُوَيم، عن عبد الرحمن بن غَنم،
عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أفضل
الإيمان أن تعلم أن الله معك حيثما كنت". غريب. الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP2 < 8-10 > وكان الإمام أحمد ينشد هذين البيتين:

إِذَا مَـا خَـلَوْتَ الدَّهْـرَ يَوْمًـا فَلا تَقُلْ


خَـلَوْتُ وَلَكِـنْ قُـلْ: عَـلَـيَّ رَقِيـبُ

وَلا تَحْسَــبَنَّ اللــهَ يَغْفَـلُ سَـاعَةً


وَلا أَنَّ مَــا يَخْــفَى عَلَيْـهِ يَغِيـبُ
وقوله: (لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) أي: هو المالك للدنيا والآخرة كما قال: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 وَإِنَّ لَنَا لَلآخِرَةَ وَالأُولَى الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [الليل: 13]، وهو المحمود على ذلك، كما قال: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [القصص:70]، وقال الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ
الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [سبأ: 1]. فجميع ما في السماوات والأرض ملك له، وأهلهما عبيد أرقاء أذلاء بين يديه كما قال: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1
[مريم: 93-95]. ولهذا قال: (وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ) أي: إليه
المرجع يوم القيامة، فيحكم في خلقه بما يشاء، وهو العادل الذي لا يجور ولا
يظلم مثقال ذرة، بل إن يكن أحدهم عمل حسنة واحدة يضاعفها إلى عشر أمثالها،
الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [النساء: 40] وكما قال تعالى: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 وَنَضَعُ
الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ
شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا
وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ
الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [الأنبياء: 47]. وقوله:
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ )
أي: هو المتصرف في الخلق، يقلب الليل والنهار ويقدرهما بحكمته كما يشاء،
فتارة يطول الليل ويقصر النهار، وتارة بالعكس، وتارة يتركهما معتدلين.
وتارة يكون الفصل شتاء ثم ربيعًا ثم قيظًا ثم خريفًا، وكل ذلك بحكمته
وتقديره لما يريده بخلقه، (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) أي: يعلم
السرائر وإن دقت، وإن خفيت. الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2
آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ
مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ
أَجْرٌ كَبِيرٌ
(7)
وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ
لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ
(Cool
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ
مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ
رَحِيمٌ
(9)
وَمَا لَكُمْ أَلا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ
السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ
الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ
أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى
وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
(10) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 < 8-11 > أمر
تعالى بالإيمان به وبرسوله على الوجه الأكمل، والدوام والثبات على ذلك
والاستمرار، وحث على الإنفاق مما جعلكم مستخلفين فيه أي مما هو معكم على
سبيل العارية، فإنه قد كان في أيدي من قبلكم ثم صار إليكم، فأرشد تعالى إلى
استعمال ما استخلفهم فيه من المال في طاعته، فإن الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP يفعلوا وإلا حاسبهم عليه وعاقبهم لتركهم الواجبات فيه. وقوله:
(مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ) فيه إشارة إلى أنه سيكون
مخلفًا عنك، فلعل وارثك أن يطيع الله فيه، فيكون أسعد بما أنعم الله به
عليك منك، أو يعصي الله فيه فتكون قد سعيت في معاونته على الإثم والعدوان. قال
الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت قتادة يحدث، عن
مُطَرَّف-يعني بن عبد الله بن الشّخّير-عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [التكاثر:1]، يقول ابن آدم: مالي مالي! وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت؟". ورواه مسلم من حديث شعبة، به الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP وزاد: "وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس" وقوله: (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ) ترغيب في الإيمان والإنفاق في الطاعة، ثم
قال: (وَمَا لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ
لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ ) ؟ أي: وأي شيء يمنعكم من الإيمان والرسول بين
أظهركم، يدعوكم إلى ذلك ويبين لكم الحجج والبراهين على صحة ما جاءكم به؟
وقد روينا في الحديث من طُرُق في أوائل شرح "كتاب الإيمان" من صحيح
البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه: "أيُّ
المؤمنين أعجب إليكم إيمانًا؟" قالوا: الملائكة. قال: "وما لهم لا يؤمنون
وهم عند ربهم؟" قالوا: فالأنبياء. قال: "وما لهم لا يؤمنون والوحي ينـزل
عليهم؟". قالوا: فنحن؟ قال: "وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم؟ ولكن أعجب
المؤمنين إيمانا قوم يجيؤون بعدكم يجدون صُحُفًا يؤمنون بما فيها" الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP وقد ذكرنا طرفًا من هذا في أول سورة "البقرة" عند قوله: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [البقرة: 3]. وقوله: (وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ ) كما قال: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [المائدة:7] . ويعني بذلك: بيعة الرسول صلى الله عليه وسلم. وزعم ابن جرير أن المراد بذلك الميثاق الذي أخذ عليهم في صلب آدم، وهو مذهب مجاهد، فالله أعلم. وقوله:
(هُوَ الَّذِي يُنـزلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ) أي: حججًا
واضحات، ودلائل باهرات، وبراهين قاطعات، (لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ
إِلَى النُّورِ ) أي: من ظلمات الجهل والكفر والآراء < 8-12 >
المتضادة إلى نور الهدى واليقين والإيمان، (وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ
لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ) أي: في إنـزاله الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس،
وإزاحة العلل وإزالة الشبه. ولما أمرهم أولا بالإيمان والإنفاق، ثم حثهم على الإيمان، وبين أنه قد أزال عنهم موانعه، حثهم الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP
أيضًا على الإنفاق. فقال: (وَمَا لَكُمْ أَلا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) أي: أنفقوا ولا
تخشَوا فقرًا الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP وإقلالا فإن الذي أنفقتم في سبيله هو مالك السموات والأرض، وبيده مقاليدهما، وعنده خزائنهما، وهو مالك العرش بما حوى، وهو القائل: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [سبأ:39]، وقال الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [النحل:96] فمن توكل على الله أنفق، ولم يخش من ذي العرش إقلالا وعلم أن الله سيخلفه عليه. وقوله:
(لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ )
أي: لا يستوي هذا ومن لم يفعل كفعله، وذلك أن قبل فتح مكة كان الحال
شديدًا، فلم يكن يؤمن حينئذ إلا الصديقون، وأما بعد الفتح فإنه ظهر الإسلام
ظهورًا عظيمًا، ودخل الناس في دين الله أفواجا؛ ولهذا قال: (أُولَئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا
وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ) والجمهور على أن المراد بالفتح
هاهنا فتح مكة. وعن الشعبي وغيره أن المراد بالفتح هاهنا: صلح الحديبية،
وقد يستدل لهذا القول بما قال الإمام أحمد: حدثنا أحمد بن عبد
الملك، حدثنا زُهَير، حدثنا حُمَيد الطويل، عن أنس قال: كان بين خالد بن
الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن: تستطيلون
علينا بأيام سبقتمونا بها؟ فبلغنا أن ذلك ذُكر للنبي صلى الله عليه وسلم
فقال: " دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده، لو أنفقتم مثل أحد-أو مثل
الجبال-ذهبًا، ما بلغتم أعمالهم" الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP ومعلوم
أن إسلام خالد بن الوليد المواجه بهذا الخطاب كان بين صلح الحديبية وفتح
مكة، وكانت هذه المشاجرة بينهما في بني جَذيمة الذين بعث إليهم رسول الله
صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بعد الفتح، فجعلوا يقولون: "صبأنا،
صبأنا"، فلم يحسنوا أن يقولوا: "أسلمنا"، فأمر خالد بقتلهم وقتل من أسر
منهم، فخالفه عبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عمر وغيرهما. فاختصم خالد
وعبد الرحمن بسبب ذلك الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP والذي
في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تسبوا أصحابي،
فوالذي نفسي بيده، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا، ما بلغ مُدّ أحدهم ولا
نَصيفه" الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم، من حديث ابن وهب: أخبرنا هشام بن سعد، عن زيد بن < 8-13 >
أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري أنه قال: خرجنا مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، حتى إذا كنا بعسفان قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم" فقلنا: من
هم يا رسول الله أقريش؟ قال: لا ولكن أهل اليمن، هم أرق أفئدةً وألين
قلوبًا". فقلنا: أهم خير منا يا رسول الله؟ قال: "لو كان لأحدهم جبل من ذهب
فأنفقه، ما أدرك مُدّ أحدكم ولا نَصيفه، ألا إن هذا فضل ما بيننا وبين
الناس، (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ
وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ
بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا
تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP [وهذا
الحديث غريب بهذا السياق، والذي في الصحيحين من رواية جماعة، عن عطاء بن
يسار عن أبي سعيد -ذَكَر الخوارج-: "تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع
صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP الحديث. ولكن روى ابن جرير هذا الحديث من وجه آخر، فقال: حدثني
بن البرقي، حدثنا بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرني زيد بن أسلم،
عن أبي سعيد التمار، عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: "يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم". قلنا: من هم يا رسول
الله؟ قريش؟ قال: "لا ولكن أهل اليمن، لأنهم أرق أفئدة، وألين قلوبًا".
وأشار بيده إلى اليمن، فقال: "هم أهل اليمن، ألا إن الإيمان يمان، والحكمة
يمانية". فقلنا: يا رسول الله، هم خير منا؟ قال: "والذي نفسي بيده، لو كان
لأحدهم جبل من ذهب ينفقه ما أدى مُدّ أحدكم ولا نصيفه". ثم جمع أصابعه ومد
خنصره، وقال: "ألا إن هذا فضلُ ما بيننا وبين الناس، (لا يَسْتَوِي
مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا
وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ]) الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP فهذا
السياق ليس فيه ذكر الحديبية فإن كان ذلك محفوظا كما تقدم، فيحتمل أنه
أنـزل قبل الفتح إخبارا عما بعده، كما في قوله تعالى في سورة "المزمل"-وهي
مكية، من أوائل ما نـزل-: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 الآية [المزمل: 20] فهي بشارة بما يستقبل، وهكذا هذه والله أعلم. وقوله:
(وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ) يعني المنفقين قبل الفتح وبعده، كلهم
لهم ثواب على ما عملوا، وإن كان بينهم تفاوت في تفاضل الجزاء كما قال: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2
لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ
فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى
الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ
اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا
الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [النساء:95]. وهكذا الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP الحديث الذي في الصحيح: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، < 8-14 > وفي كل خير" الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP
وإنما نَبَّه بهذا لئلا يُهدرَ جانب الآخر بمدح الأول دون الآخر، فيتوهم
متوهم ذمه؛ فلهذا عطف بمدح الآخر والثناء عليه، مع تفضيل الأول عليه؛ ولهذا
قال: (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) أي: فلخبرته فاوت بين ثواب
من أنفق من قبل الفتح وقاتل، ومن فعل ذلك بعد ذلك، وما ذلك إلا لعلمه بقصد
الأول وإخلاصه التام، وإنفاقه في حال الجهد والقلة والضيق. وفي الحديث:
"سبق درهم مائة ألف" الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP
ولا شك عند أهل الإيمان أن الصديق أبا بكر، رضي الله عنه، له الحظ الأوفر
من هذه الآية، فإنه سيّد من عمل بها من سائر أمم الأنبياء، فإنه أنفق ماله
كله ابتغاء وجه الله، عز وجل، ولم يكن لأحد عنده نعمة يجزيه بها. وقد قال أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي عند تفسير هذه الآية أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP
أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي، أخبرنا عبد الله بن
حامد بن محمد، أخبرنا أحمد بن إسحاق بن أيوب، أخبرنا محمد بن يونس، حدثنا
العلاء بن عمرو الشيباني، حدثنا أبو إسحاق الفزاري، حدثنا سفيان بن سعيد،
عن آدم بن علي، عن ابن عمر قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم وعنده
أبو بكر الصديق، وعليه عباءة قد خَلَّها في صدره بخلال، فنـزل جبريل فقال:
مالي أرى أبا بكر عليه عباءة قد خَلَّها في صدره بِخلال؟ فقال: "أنفق ماله
عليَّ قبل الفتح" قال: فإن الله يقول: اقرأ عليه السلام، وقل له: أراض أنت
عني في فقرك هذا أم ساخط؟ فقال رسول الله: "يا أبا بكر، إن الله يقرأ عليك
السلام، ويقول لك: أراض أنت عَني في فقرك هذا أم ساخط؟" فقال: أبو بكر، رضي
الله عنه: أسخط على ربي عز وجل؟ إني عن ربي راض الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP2 هذا الحديث ضعيف الإسناد من هذا الوجه. وقوله:
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ) قال عمر بن الخطاب:
هو الإنفاق في سبيل الله، وقيل: هو النفقة على العيال والصحيح أنه أعم من
ذلك، فكل من أنفق في سبيل الله بنية خالصة وعزيمة صادقة، دخل في عموم هذه
الآية؛ ولهذا قال: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا
فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ) كما قال في الآية الأخرى: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B2 أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد B1 [البقرة: 245] الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP أي: جزاء جميل ورزق باهر-وهو الجنة-يوم القيامة. قال بن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة، حدثنا خلف بن خليفة، عن حميد
الأعرج، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مسعود قال: لما نـزلت هذه
الآية: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ
لَهُ ) قال أبو الدحداح الأنصاري: يا رسول الله، وإن الله ليريد منا القرض؟
" قال: "نعم، يا أبا الدحداح". قال أرني يدك يا رسول الله قال: فناوله يده
قال: فإني قد أقرضت ربي حائطي-وله حائط الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد MARGNTIP فيه ستمائة نخلة، وأم الدحداح فيه وعيالها-قال: فجاء < 8-15 >
أبو الدحداح فنادها: يا أم الدحداح. قالت: لبيك. فقال: اخرجي، فقد أقرضته
ربي، عز وجل-وفي رواية: أنها قالت له: رَبح بيعك يا أبا الدحداح. ونقلت منه
متاعها وصبيانها، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كم من عَذْق
رَدَاح في الجنة لأبي الدحداح". وفي لفظ: "رب نخلة مدلاة عروقها درّ وياقوت
لأبي الدحداح في الجنة".



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34527

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد Empty رد: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد

مُساهمة من طرف الزعيم السبت 28 مايو - 17:56:04

موضــــــ جميل ـــــوع
والأجمل مشاركة به معنا
لا تحرمنا مواضيعك سنكون شاكريــــ لك ـــن على جهودك الطيبة
فكن دائما كما أنت لأنك تستحق كــــ الشكر ــــــل
ولا تنسى أن تترك أثرا هنا




الزعيم
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 7554

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد Empty رد: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد

مُساهمة من طرف اعصار الأحد 29 مايو - 16:07:24

جزاك الله خيرا على المرور نورت الموضوع



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34527

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد Empty رد: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد

مُساهمة من طرف أبو سليمان الأحد 12 يونيو - 14:57:30

شكرا على الموضوع




أبو سليمان
المشرفون
المشرفون

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 3412
تاريخ الميلاد : 03/11/1996
العمر : 27

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد Empty رد: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد

مُساهمة من طرف اعصار الأحد 12 يونيو - 17:41:06

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك
ولا تنسى أن تزورنا دوما على عنوان واحد

هنا



اعصار
اعصار
المـديـر العـــام
المـديـر العـــام

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 34527

https://www.helpub.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد Empty رد: الجزء الثاني من تفسير سورة الحديد

مُساهمة من طرف aaaa الخميس 29 مارس - 21:32:29

شكرا على الرد نورت الموضوع بمرورك
لا تبخل علينا بجميل كلماتك




aaaa
عضو نشيط
عضو  نشيط

احترام القوانين : 100 %
عدد المساهمات : 768
تاريخ الميلاد : 13/10/1983
العمر : 40

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى