المصريون في رعب للإشتباه في احتواء الحلبة على الإيكولاي

---

بذور الحلبة المصرية مصدر تفشي بكتيريا "إي كولاي"؟

صبري حسنين من القاهرة:
تمثلت مظاهر الخوف والرعب في إنخفاض مبيعات الحلبة لدى محال العطارة في
القاهرة، كما إنخفض معدل الطلب على مشروب الحلبة الساخن في المقاهي
والكافتيريات. وقال ضاحي سلامة صاحب مقهي في منطقة الجيزة لـ"إيلاف": كنت
أبيع يومياً ما بين 50 و70 كوب حلبة ساخن، ولكنني لاحظت مع بداية الظهيرة
إنقطاع الطلب عليه بشكل كامل، فاندهشت، لكن لم يخطر في بالي أن هناك سببًا
حول وجود ضرر في الحلبة، إلى أن سألني زبون: أخبار الحلبة إيه النهاردة؟
فظننت أنه يريد كوباً، وأحضرته إليه، غير أنه رفض تناوله، وقال لي إنها
ألمانيا تتهم الحلبة بأنها السبب في مرض قاتل.
وأضاف سلامة: ظننت أنه بيهرج، لكنه
أقسم لي، ولما طلبت من ابني الطالب الجامعي التأكد من كلام الزبون، أخبرني
بأنه صحيح "ربنا يسترها مصر مش ناقصة بلاوي، وناسها من ناقصين خراب بيوت".
لم يختلف الأمر كثيراً لدي العطارين
الذين يبيعون الأعشاب الطبية، ففي منطقة الأزهر التي تشتهر بتجارة العطارة،
بدا واضحاً أن الحلبة في حالة ركود، وقال محمد رجب تاجر عطارة: تلك
الشائعة التي أطلقتها ألمانيا أثرت بالسلب على مبيعات الحلبة في مصر، ومن
المتوقع أن تؤثر سلباً على الصادرات. وأضاف: استحالة أن تكون الحلبة سببًا
في مرض بكتيري، لأنها مادة جافة، ومن المستحيل أن تحتوي على ميكروبات، من
الممكن أن تحتوي على حشرات مثل السوس، لكن البكتيريا مستحيل. مشيراً إلى
أنه من المتوقع أن تتسبب تلك الشائعة ـ على حد قوله ـ في إنخفاض الصادرات
المصرية إلى أوروبا، لاسيما الزراعية.
فيما نفت وزارة الزراعة بشكل قاطع تلك
الإتهامات، مؤكدة أن مصر تنتج وتستهلك الحلبة منذ آلاف السنين، ولم يظهر
فيها هذا المرض من قبل، وقال الدكتور سامح العشري الأستاذ في مركز البحوث
الزراعية لـ"إيلاف" إن المصريين عرفوا الحلبة منذ نحو 2500 عام، وهو نبات
موطنه الأصلي في شمال أفريقيا، وسجلت بردية إيبرز الفرعونية أستخدام
المصريين القدماء للحلبة في التداوي، موضحاً أنهم استخدموه في مساعدة
الحوامل في تخفيف آلام الولادة، وكمقوٍّ عام ومدرّ للبن، بعد الوضع مباشرة،
ومازالت تستخدم بالوصفة نفسها في الريف والصعيد حتى الآن، حيث يتم غليها
وإضافة العسل الأسود إليها، وتأكل بالملعقة كمقوي للأم بعد الولادة. وكانوا
يستخدمونه في علاج عسر الهضم أو مشاكل الطمث لدى الفتيات.
ونوه العشري بأنه لم يثبت أن للحلبة
أية آثار جانبية على الإطلاق، ولم يثبت أنها ناقلة لأية أمراض، لأنها
تستخدم كبذور مجففة، ورغم أن المركز الأوروبي لسلامة الغذاء أعلن الإشتباه،
إلا أن هذا الإشتباه في غير محله، إذ كان من المفترض أن يصاب المصريون
بتلك البكتيريا أولاً، وليس الأوروبيين. مرجحاً أن يكون السبب في نقل
البكتيريا مرحلة أخرى من مراحل تصنيعها، لاسيما أن الأوروبيين يستخدمون
مياهاً معالجة لإنباتها، حيث تؤكل نيئة بعد إنباتها، لأنها تحتوي على قيمة
غذائية عالية جداً.
أما وزير الزراعة أيمن أبو الحديد
فإتهم اسرائيل بالوقوف وراء تلك الشائعات، من أجل "تشويه سمعة مصر في مجال
الحاصلات الزراعية"، على قوله في بيان للوزراة، ووصف كلام مراكز الأبحاث
الألمانية بأنه "أحاديث مغلوطة وأكاذيب عارية تمامًا من الصحة، وليس لها
سند علمي على الإطلاق، وذلك لسببين أولهما أن سلالة البكتيرية النزفية "إي
كولاي" الموجودة في أوروبا ليست موجودة في مصر من الأساس، والثاني أن كل
الحاصلات الزراعية المصرية، وأي منتج مصري زراعي الأصل يصدر إلى دول العالم
كافة، ويخضع لإجراءات معقدة لاستصدار شهادات صلاحية للاستهلاك الآدمي،
وفقًا للمعايير الدولية المعمول بها، ونحرص على التشدد في تطبيقها، وخاصة
اختبارات الميكروبولوجي الخاصة باكتشاف الميكروبات والبكتيريا".
مشيراً إلى أن "صادرات مصر نظيفة وآمنة
وغير مصابة بأية أمراض"، وأن ما يثار حالياً يأتي في إطار "حرب تجارية
تشنها إسرائيل على الصادرات المصرية".
لم يختلف الأمر كثيراً لدى الدكتور علي
سليمان رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي عن كلام سابقيه، وقال
لـ"إيلاف" إن هناك منافسة بين مصر وإسرائيل في مجال الصادرات الزراعية،
ولاسيما في مجال الخيار والكانتالوب والحلبة والأعشاب الطبية، ومن مصلحتها
تشويه سمعة المنتجات المصرية.
وأضاف أن وزارة الزراعة تلقت خطاباً من
الإتحاد الأوروبي يفيد بأن ما حدث مجرد اشتباه، ليس أكثر، وأشار سليمان
إلى أن أي منتج مستورد أو مصدر يخضع لإختبارات سلامة من أربع جهات رقابية
هي: وزارة الصحة، وهيئة الصادرات والواردات، والحجر الزراعي، وهئية
الإشعاع. وتجرى لها إختبارات فيروسية وبكتيرية، وهو الأمر نفسه الذي تطبقه
دول الإتحاد الأوروبي وأية دولة في العالم.
ولفت سليمان إلى أن المصريين الأكثر
إستخداماً للحلبة، وإذا كانت تلك الإتهامات صحيحة لظهر المرض في مصر منذ
العام 2009، مشيراً إلى أنه ليس هناك بيت مصري إلا ويوجد فيه الحلبة لمشروب
أساسي، ويقدم على المقاهي، ويؤكل في الأعياد بعد إنباته، متوقعاً ألا تؤثر
تلك الإتهامات الباطلة على الصادرات المصرية الزراعية.
فللحلبة فؤائد جمة منها، علاج عسر
الهضم والإسهال وقرحة المعدة ومنشط للفتيات أثناء عملية الطمث ـ حسب
الدكتور وليد حسان الأستاذ في معهد التغذية ـ وقال لـ"إيلاف" إن الحلبة لها
استخدامات متعددة من حيث كونها غذاء أو دواء، مشيراً إلى أنها تستخدم في
علاج الحروق وتشققات الجلد وآلام الروماتيزم، وعسر التبول، وتخفيف السعال
في حالات الإصابة بالدرن، وتساعد في علاج السكر من خلال طحن بذورها
وتناولها جافة معدل ملعقة ثلاث مرات يومياً. وأضاف حسان أن للحلبة فوائد في
علاج النحافة، لأنها تساعد على فتح الشهية.